فإن قيل: لو كان المراد بالرهن حقيقة الرهن كما ذكرت مسألة الرهن بعد هذه المسألة وقد كررها حيث قال: "ومن قلت لا يجوز ارتهانه
... " إلى أن قال: فلا يجوز أن يرهن شيئًا ". قلنا: يحتمل أن يكون هذا التكرير لكمال التقرير، فإنه جمع في أول الفصل بين مسألة الرهن ومسألة الإرتهان، ثم بدأ بنفس الإرتهان ثم رجع إلى مسألة الرهن لتفصيل القول فيها، فبين فيه معنى النظر الذي أطلقه في أول الفصل وهو ظاهر ق 172 ب.
فرع آخر
لو رهن الوصي عبد اليتيم ثم استعاره الوصي من المرتهن بعد القبض نظر، فإن استعاره لليتيم فلا ضمان؛ لأن له الانتفاع به، وإن كان مرهونًا، وإن استعاره لنفس لم يجز وضمن، وإن استعار مطلقًا ضمن؛ لأن الظاهر أنه استعاره لنفسه. فإن قال: استعرته لليتيم لم يقبل قوله فيه وضمن.
فرع آخر
لو خلف تركة وعليه ديون فأوصى إلى رجل بقضاء دينه من تركته فرهن الوصي شيئًا من تركته عند بعض غرمائه لم يجز، وإن كان الغريم واحدًا فرهنه عنده لا يجوز أيضًا؛ لأنه جعل إليه قضاء الدين فقط فلا ينصرف إلى غيره.
فرع آخر
لا يجوز للعامل في القراض أن يرهن أو يرتهن إلا بإذن رب المال، وإذا أذن له في الرهن لا يجوز إلا أن يحد له الدين الذي يقع الرهن به. نص عليه الشافعي رحمه الله.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ كَانَ لابْنِهِ الطَّفْلِ عَلَيْهِ حَقَّ أَنْ يَرْتَهِنَ لَهُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِهِ ".
الفصل:
وهذا كما قال. قد ذكرنا هذه المسألة، وظاهر كلام الشافعي رحمة الله عليه ههنا أنه رهن ماله عند نفسه أو رهن مال نفسه عنده يقتصر على أحد شطريه، فيقول: ارتهنت له من نفسي كذا وكذا، أو رهنت عبدًا من ماله على كذا وكذا، لأن الشافعي ق 173 أ اقتصر في تصوير المسألة على ذكر أحد السطرين، وفيه وجه أنه يفتقر إلى التلفظ بالشرطين كما في الشخصين المتعاقدين، وهذان الوجهان في البيع والشراء، وقد ذكرنا.