مسألة:
قَالَ: "وَإِذَا قَبضَ الرَّهْنُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ إِخْرَاجه مِنَ الرَّهْنِ حَتَّى يَبْرَأَ مِمَّا فِيهِ مِنَ الحَقِّ ".
وهذا كما قال. قد ذكرنا أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، وإذا قبض لزم من جهته؛ لأنه وثيقة، فلو لم يلزم لم تحصل الوثيقة، ثم ما دام جزء من الدين عليه وإن كان يسيرًا لا يخرج شئ من الرهون من الرهن، وكل جزء منه مرهون بكل الحق وبكل جزء منه، فإن كان الرهن كرا من طعام فذهب كله إلا قفيزًا كان القفيز رهنًا بالدين كله، ولو قضى الدين كله إلا حبة كان الكل رهنًا بالحبة.
فرع
لو رهنه مائة شاة بمائة درهم على أن كل شاة في مقابلة درم فدفع درهمًا، قيل له: أدفعت عن شاة بعينها؟ فإن قال نعم أخذها، وإن قال: بل دفعت عن الجملة خرج عشر كل شاةِ من الرهن. وقيل: متى تفاوتت القيم ليس له أخذ شيء من الرهن، وإن تساوت أخذ منها شاة.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ أَكْرَى الرَّهْنَ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ أَعَارَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَنْفَسِخ الرَّهْنُ ".
وهذا كما قال. قد قيل: أراد به إذا أكرى الراهن ق 173 ب الشيء المرهون من المرتهن أو أعاره إياه لينتفع به لم يبطل الرهن. ولو تلف تحت يده عند الاستعارة ضمن؛ لأنه مستعير.
وقال أبو حنيفة: إذا اكترى وارتهن فأخرهما يبطل أولهما. وقيل: إن الشافعي فسره بهذا في الرهن الصغير. وقيل: أراد به أن المرتهن لو أكرى من الراهن لا معنى للكري، إذا المنافع ليست ل حتى يكري، ولكن مع هذا لا ينفسح الرهن. وأما الإعارة يجوز أن يطلق هذا اللفظ ويراد به تمكين الراهن مع الانتفاع ولا يبطل به الرهين أيضًا.
وقيل: وهو الصحيح أراد إذا أكري الراهن المرهون من المرتهن، ثم المرتهن أكرى منه أو إعارة ينفسخ الرهن، وتجوز الإجازة الثانية في أحد الوجهين، وإن كان الراهن مالك الرقبة فهو كالوجهين في جواز إجازة المستأجر من المالك:
أحدهما: يجوز كما يجوز من غيره.
والثاني: لا يجوز لأن المنافع من ضمان المالك فلا يجوز أن يضمن له بعد الإجارة وهي مضمونة عليه، وكيفما قلنا فالرهن به لا يبطل. وكذلك إذا كانت المنفعة