للمرتهن بوصية فأجرها من الراهن وقصد به الرد على أبي حنيفة حيث قال: استدامة القبض شرط في صحة الرهن، وإذا استحق على المرتهن قبضه بطل الرهن.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ رَهَنَهُ ق 174 أ وَدِيعَةِّ لَهُ فِي يَدِهِ ".
وهذا كما قال. إذا رهنه شيئًا في يد المرتهن كالوديعة، والغصب، والعارية، والمأخوذ سومًا، أو تحوز ذلك صح؛ لأن ذلك أقرب إلى قبضه، ولابد من قبض بعد العقد، وهل يفتقر إلى الإذن بالقبض؟ قال ههنا: لابد من الإذن فيه ومضى مدةِ يتأتى فيه القبض. وقال في "الإقرار والمواهب ": إذا وهب عينًا في يد الموهوب به له فقلبها تمت؛ لأنه قابض لها بعد الهبة، ولو كانت في يد غيره فقبضها بغير إذن الواهب لم يكن له ذلك. واختلف أصحابنا في المسألتين على طريقين:
قال أبو إسحاق رحمه الله: لا فرق بينهما فينقل بجوابه من كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى ويجعل على قولين:
أحداهما: لابد من اعتبار الإذن فيهما؛ لأن الشيء في يده على غير قبض الرهن والهبة، فلا يصير قبض هبةٍ ورهن إلا بإذن.
والثاني: لا يعتبر الإذن فيهما؛ لأن إقراره على العقد إذن منه بالقبض، ولأنه لما لم يفتقر إلى الإذن في القبض.
وقال بعض أصحابنا: المسألتان على ظاهرهما، والفرق أن الهبة تنقل الملك هي أكد من الرهن، كما لو باع لا يفتقر إلى الإذن في القبض، ويصير مقبوضًا له عقيب العقد. وهذا ضعيف.
ومن أصحابنا من قال قولًا واحدًا يعتبر الإذن فيهما، وأراد بها ذكر في ق 174 ب الهبة إذا أذن في القبض، ولكنه أضمر هناك، وفي الرهن صرح وهذا أصح.
والفرق بين الرهن والهبة والبيع أن البيع يوجب القبض فلا حاجة فيه إلى الإذن من البائع إذا كان الشيء في يده، والرهن والهبة لا يوجبان القبض؛ لأنهما تبرع فيحتاج فيما إلى إذنِ.
وإذا تقرر هذا وأذن له بقبضه، فإن كانت الوديعة حاضرة في المجلس فأتى من الزمان ما يمكنه تناولها ورفعها من موضعها فقد صارت مقبوضة عن الرهن، وإن كانت غائبة عنهما. فإذا أتى من الزمان ما يمكنه الوصول إليها وتناولها فقد صارت مقبوضه؛ لأن قبض الشيء حصوله في يده من غير مانع إلا أن تكون الوديعة مما يزول بنفسه كالعبد والحيوان الذي هو غير مُوثق في موضع ببيعه، فلا يتحقق كونه في الموضع الذي تركه فلا