يصح القبض حتى يصير إليه، أو يصير وكيله إليه مشاهدة نص عليه في "الأم "، وهو اختيار أبي إسحاق.
ومن أصحابنا من قال: لابد أن يحضره ويشاهده، وإن كان عنده أنه لم يخرج من يده؛ لأن الشافعي رحمه الله قال: "ولو كان في المسجد والوديعة في بيته لم يكن قبضًا حتى يصير إلى منزل وهو فيه" وهذا غلط وتأويل هذا اللفظ ما ذكرنا.
وقال أبو حامد: المنصوص في "الأم "هذا وهو المذهب، وغلط أبو إسحاق ق 175 أ حيث حمل هذا على الحيوان دون العقار والثياب، ولفظه في "الأم "أنه لا فرق بين الحيوان وغيره، والعلة فيه أن يجوز حدوث حادث من سرقة أو حريق أو غصب ونحو ذلك في الكل.
ثم قال: ومن أصحابنا من قال: لو أخبر مخبر أنه شاهده اقتصر على خبره، ويحصل القبض بمضي المدة. وقال: وهذا ليس بشيء، وما ذكرنا أولى، ذكره القاضي الطبري رحمه الله وهو الظاهر، وقول الشيخ أبي حامد أقيس.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه قولان، فإن قيل: دعوى القولين محال لأن الشافعي قال أولًا: "فجاءت مدة يمكنه فيها القبض فهو قبض "، ولم يشترط الرجوع إلى منزله، ثم عطف على هذا أنه لا يصير قبضًا حتى يصبر إلى منزله وهما عطفان متقاربان؛ وأعرض الشافعي عن ذكر القولين في. قلنا: يحتمل أنهما مسطوران للشافعي في موضعين متباعدين فجمعهما المزني متعطفًا أحدهما على الآخر، وقد فعل مثل هذا كثيرًا.
وقال حرملة من عنده: يلزم الرهن بنفس العقد ههنا ولا يحتاج إلى مضي المدة، ولم يساعده غيره من أصحابنا. وهذا غلط؛ لأن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، وجملة ما ذكرنا أنه لا يحتاج فيه إلى النقل والتحويل لكونه في يده قولًا واحدًا، وهل يحتاج إلى الإذن في القبض؟ ق 175 ب على الاختلاف الذي بيناه. وهل يحتاج إلى المصير إليه ومشاهدته؟ على التفصيل الذي ذكرناه.
فإذا تقرر هذا، لو تلف هذا الرهن بعد الحكم بالقبض انفسخ ولا خيار للمرتهن سواء كان في دين أو بيع، وإن كان التلف قبل الحكم بالقبض بطل الرهن. فإن كان في دين فلا خيار للمرتهن، وإن كان في بيع له الخيار، وحكم الوالد في مال الولد إذا رهنه من نفسه مثل هذا في هذه المسائل.
مسألة:
قَالَ: "وَلاَ يَكُونُ القَبْضُ إِلَّ مَا حَضَرَهُ المُرْتَهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ ".