وأما سواد الكوفة فمذهب الشافعي أنها فتحت عنوة, وأن عمر - رضي الله عنه استطاب أنفس الغانمين عن حقوقهم على ما ذكرنا من قبل, ثم وقفها على المسلمين وأجرها من أهلها الذين كانوا فيها بأجرة معلومة في كل سنة. وهذا اختيار الاصطخرى وعامة أصحابنا.
وقال ابن سريج: لما رأى أهل سواد العراق يتبايعون أرضها ويتصرفون فيها تصرف الملاك في أملاكهم لا يجوز أن يكون ذلك وقفاً, وإنما عمر - رضي الله عنه - لما استخلصها باهها من أهلها بثمن معلوم, لأنها لو كانت وقفاً لأنكر ق 200 أ منكر على بيعهم من ذلك الوقت إلى وقتنا هذا.
قال أبو حامد: وهذا أصح, وإن كان ظاهر المذهب بخلافه.
قال ابن سريج: والذي ذكره الشافعي لم يرد به سواد العراق, بل أراد أن الإمام إذا فتح أرضاً واستخلصها للمسلمين ووقفها عليهم لا يجوز رهنها لأنها غير مملوكة, وهي مال الفيء.
فإذا قلنا بالأول لا يجوز بيعها ورهنها, قال: فإن كان فيها غراس أو بناء للراهن فهو رهن, وينظر فيها إن أفرادها بالرهن أو البيع جاز, وإن رهن الأرض بما فيها من البناء والغراس فالرهن باطل في الأرض على القول الأول.
وأما في البناء والغراس إن قلنا الصفقة تفرق يجوز فيها أيضاً, لأنه لا عوض فيه. وإن قلنا: التعليل فيه أن العقد جمع محظوراً ومباحاً لم يصح ههنا في الكل. فإذا قلنا: يصح يكون للمرتهن الخيار في فسخ البيع إن كان الرهن شرطًا في عقد البيع, لأنه لا يسلم له جميع ما اشترط من الرهن, وهذا إذا كان البناء من طين ذلك الموضع, فإن كان من طينه فالرهن والبيع فيه باطل أيضًا على هذا القول قولًا واحدًا, لأن تراب الأرض حكمه حكم الأرض.
مسألة:
قَالَ: "فَإِنْ أَدَّى عَنْهَا الْخَرَاجَ فَهُوَ مَقْطُوعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ"
الفصل:
إذا رهن ق 200 ب أرضًا من أرض الخراج سواء قلنا الرهن صحيح أو قلنا باطل فالخراج على الراهن, لأنه إما أن يكون ثمنًا أو أجرة وكلاهما لا يلزمان المرتهن. وهكذا إذا أحرها فالخراج على الأجر دون المستأجر. وقال بعض أصحابنا: إذا جوزنا الرهن والخراج على الراهن فكان معسرًا يباع جزء من الرهن ويصرف إلى الخراج, فإن أدى المرتهن الخراج عن الراهن, فإن كان بغير إذنه إنه لم يرجع عليه , لأنه متطوع به, وإن كان بإذنه نظر, فإن قال: على أن يرجع عليَّ رجع عليه, وإن لم يشترط الرجوع فيه وجهان: