أحدهما: يرجع, لأنه أداه بأمره, وهذا اختيار أبى إسحاق والقاضي الطبري, وهو ظاهر كلام الشافعي, لأنه قال: "إلا أن يكون دفعه بأمره".
والثاني: لا يرجع, وهو اختيار ابن أبى هريرة وأبى حامد. قال أبو حامد: وهذا هو الذي يجئ على المذهب, لأن الشافعي قال: "لو دفع إلى قصار ثوبًا فقصره لا أجره له لأنه لم يشرطها له" وهذا لأنه لم يشترط الرجوع فكان بمنزله أن يسأله التطوع بأدائها عنه.
وقال مالك: يرجع عليه إذا ادعى منه, وإن لم يكن بإذنه كأن يقع ذلك عاد إلى القضاء عنه. وكذلك قال في المستأجر والأجنبي إذا قضى دينه. هكذا ذكره أصحابنا عنه.
وقال أصحابه: ق 201 أ مذهب مالك أنه ينظر فإن أداه المرتهن مكرهًا يرجع به على الرهن, وإن أداه مختارًا فإن كان صديقًا للراهن يرجع به عليه, وإن كان عدوًا له لم يرجع به عليه. وهذا غلط, لأنه تطوع به فلا يرجع كما لو وهب منه شيئًا لا يرجع.
واجتح الشافعي بأنه لو دفع المكترى الكراء إلى مالك الأرض المؤاجر من مؤاجره لا يحتسب له كذلك ههنا.
وقال بعض أصحابنا: ربما لا يسلم مالك هذا. وعلى ما ذكرنا إذا أدى بإذنه لا يكون هذا الرهن مرهونًا بما أدى, بل يكون مرهونًا بأصل الحق, فإن شرط أن يكون رهنًا بالكل فيه قولان, لأنه زيادة الدين في الرهن الواحد.
مسألة:
قَال: "وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِالخَيَارِ ثَلَاثاً فَرَهَنَةُ قَبْلَهَا فَالرَّهْن جَائِزٌ وَهُوَ قَطْعٌ لِخَيَارشهِ".
إذا اشترى عبدًا يشرط الخيار ثم رهنه لا يخلو إما أن يكون الراهن البائع أو المشتري, فإن كان الراهن المشترى نظر, فإن كان الخيار له وحده يجوز ويكون ذلك إجازة للبيع وإبطالًا للخيار, لأنه يملكه ملكًا تامًا, ويمكنه التسليم في الرهن, والخيار ينقطع مرة تعريضًا ومرة تصريحًا.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: يجب أن يجيز البيع ثم يرهن, فإن رهن قبل ق 201 ب الإجازة لم يجز, والأول أصح. وقيل: مطلق كلام الشافعي ههنا يدل على أنه لا فرق بين أن يكون مقبوضًا له أو لا, وليس رهنه قبل القبض كالبيع, لأن الرهن لا يتضمن إزالة الملك ونقل الضمان, ثم إذا قبضه المرتهن من البائع الأول اندرج قبض البيع تحت قبض الراهن. وكذلك هبة المبيع قبل القبض يجوز, وقد ذكرنا في " كتال البيع" ما قيل في الرهن والهبة قبل القبض, وإن كان الخيار للبائع كان الراهن باطلًا, لأنه