الصحة حملت على الصحة, وإنما قيد الشافعي بذكر ههنا لأن حكم الحاكم لا يغير حقائق البواطن عما هي عليه, ولو تصادقا مع شهادة هذين الشاهدين على توالى العقدين من غير فسخ واستئناف كان العبد رهنًا بالألف الأول, لأنهما إذا تصادفا استغنيا عن الحكم بالظاهر, وفيما نقله المزني خلل لأنه اقتصر على قوله: "فإن تصادفا فهو على ما قالا" فلا يستفاد من هذا القدر مقصود المسألة لأنهما إذا تصادفا أخبرا عن العقد الأول وإلحاق الزيادة به فقد قالا قولاً محتملاً معنيين:
أحدهما: رهن العبد بألفين على جهة الإلحاق.
والثاني رهن العبد بألف لنفي الزيادة الملحقة, فإذا اقتصر على ما ذكر ترك الكلام من حد الإشكال والكلام المستقل بمعناه, قال في "الكبير": فإن تصادقا فهو ما قالا والعبد ق 205 أ رهن بالألف.
قال أبو إسحاق: وإنما أراد الشافعي أن يعلمنا الحيلة في جعله رهنًا بالحقين معًا على وجه لا غرر على الراهن فيه, فقال: يقرّ بذلك فيلزم في الظاهر ثم يتفاسخان في الباطن ثم يرهنه بألفين فيصح ظاهرًا وباطنًا, فإن امتنع أقام عليه الشهادة ولزمه الحكم في الظاهر, فإن عرف الشهود كيفية الحال بينهما, فإن كانا يعتقدان المذهب الجديد كان لهما أن يشهدا بذلك, وإن كانا يعتقدان القديم فيه وجهان:
أحدهما: أنه يسوغ لهما الشهادة من غير تفصيل لأنهما بما هو حق عندهما.
والثاني: لا يسوغ لهما ذلك. وهذا اختيار أبى إسحاق وهو الأصح, لأن الشاهد ناقل الاجتهاد إلى الحاكم فيلزمها تفصيل الحال كما يعرفان حتى يجتهد الحاكم فيه, ومن أصحابنا من قال: هذا إن كان الشاهدان من أهل الاجتهاد يلزمها تفصيل ذلك قولاً واحداً. وهكذا القول في كل شهادة طريقها الاجتهاد, ولا فرق بين أن يشاهد صورة الحال وبينهما إذا شهدا على تلك الصورة أو شهدا على الإقرار وعلما الباطن, ولو أقر على ما ذكرنا, ثم أدعى أنه إنما رهنه بالحق الثاني رهنًا مستأنفاً هل يحلف المرتهن أم لا؟ ينبني على القولين فلا يحلف على قوله "القديم" لأنه رهن بهما فلا معنى ق 205 ب ليمينه. وعلى قوله "الجديد" يحلف لأنه رهن بأحد الحقين دون الأخر في الباطن, هذا إذا أنكر المرتهن التفصيل, وقيل: هذان الوجهان من الوجهين في الراهن إذا أقر بتسليم الرهن, ثم قال: لم أكن سلمت ويسأل يمين المرتهن هل يختلف؟ وجهان فأما إذا ادعى المرتهن أنهما تفاسخا العقد الأول ثم تعاقداه على ألفين معاً دفعة واحدة, ولو قال الراهن: ما تفاسخنا بل زدنا ألفًا في وجهان:
أحدهما: القول قول المرتهن أيضًا, لأن الظاهر معه وإطلاق إقرارا الراهن محمول على الصحة.
والثاني: القول قول الراهن, لأن الأصل أن لا فسخ والأول أقوى لأن إقرار الراهن أنا عقدنا عقدًا ثانيًا كالدليل على حصول الفسخ بينهما كما لو نكحها يوم الخميس