ثم (نكحها) يوم الجمعة, فالظاهر أنه ما نكح إلا بعد ما طلق في يقبل قوله: إني ما طلقت بل حددت النكاح ويلزمه المهران. وكما لو قال اختاره بدليلين:
أحدهما: قال: قال الشافعي: لو جني المرهون فتعلق الأرش برقبته فلم يفده السيد ففداه المرتهن ليكون العبد رهناً بحاله بالحق الأول ربما فداه من الأرش يصح
والثاني: قال: لما جاز أن يزيده في الحق رهنًا جاز أن يزيده حقاً. قلنا: أما الأول اختلف أصحابنا فيه ق 206 أ فمنهم من قال: إنما ذكره على قوله "القديم", فأما على قوله "الجديد" لا يجوز ذلك. ومنهم من قال: هذا الجواب ذكره في "الجديد" ويصح ذلك على القولين. والفرق أن هذا من مصلحة الرهن وحفظه على المرتهن لأن أرش الجناية يتعلق برقبته واستيفاء يؤدي إلى إبطال الرهن بخلاف مسألتنا. وأما الدليل الثاني لا يصح, لأن الدين ليس بمشغول بالرهن فلا تمتنع الزيادة في الرهن والرهن مشغول بالدين فلا يجوز شغله ثانيًا.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا قَدْ صَارَتْ فِي عُنُقِهِ جِنَايَةٌ عَلَى ادَمِيَّ أَوْ فِي مَالٍ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخُ".
هذا المسألة قد مضت وذكرنا أنه لا يجوز بيع الجاني خطأ على الصحيح المذهب, ولا فرق بين أن تكون الجناية على مال أو ادمي, لأن الجناية على الأموال كالجناية على الآدميين في تعلق الضامن برقبته. ولا فرق بين أن يكون الأرش مثل قيمته أو اقل أو أكثر. قال الشافعي: "هذا أكثر من أن يكون رهنه بحق, ثم رهنه بعد الأول, وهذا ترجيح للشافعي من الجناية على الرهن في تعلقها برقبة العبد, وإنما رجح الجناية على الرهن الأصل لا يختلف فيه وهو أن العبد المرهون لو جني في الرهن جناية بيع في جنايته ويؤخر حق ق 206 ب المرتهن, ثم لا يجوز ورود الرهن على الراهن فلأن لا يجوز ورود الرهن على الجناية أولى, وقال في "الحاوي": كيف يتعلق برقبته جناية الخطأ؟ وجهان:
أحدهما: وجب ابتداء في رقبته.
والثاني: وجب ابتداء في ذمة العبد, ثم انتقل وجوبه إلى رقبته, لو أعتق وجب أرشها في ذمته, والأول أصح, فإذا قلنا بالوجه الثاني فيه قول مخرج أنه إذا كان موسراً يجوز رهنه, ثم إن فداه السيد استقر رهنه وإن بيع في الجناية بطل رهنه, والصحيح أنه باطل بكل حالٍ.