وقال أبو إسحاق: يحتمل هذا وجوبًا ههنا أنه أراد الشافعي أنهما يفسخان الرهن الأول ويرهنانه بالك. والثاني: ذكره على أحد القولين. والثالث: جوز علي القولين؛ لأنه يتعلق به مصلحة الرهن علي ما تقدم بيانه، وقد بينا الفرق.
مسألة:
قال: "فإن كان السَّيدُ أمر العبد بالجناية".
الفصل:
إذا أمر عبده المرهون بالجناية علة إنسان بقطع طرفه أو قتله، فإن كان العبد بالغًا عاقلًا مميزًا فالسيد آثم والعبد هو الجاني وعليه القصاص، لأن اختياره أقوى من أمر سيده إياه، فإن عفا المجني عليه أو وليه علي مال بيع العبد في الجناية على ما بيناه، وإن كان صبيًا مميزًا فكذلك السيد آثمًا، والجاني هو العبد، إلا أنه لا قصاص عليه لأنه لم يبلغ ويباع في الجناية، وإن كان صبيًا غير مميز أو كان بالغًا أعجميًا لا يميز فالسيد هو الجاني ويكون العبد كالآلة. قال الشافعي ههنا:
فبيع في 246 ب الجناية كلف السيد أن يأتي بمثل قيمته تكون رهنًا مكانه" واعترض علي الشافعي في ذلك فقيل: إذا كان السيد هو الجاني وجب أن يتعلق الأرش بذمته ولا يتعلق برقبة العبد ولا يباع فيه، ولا يخرج من الرهن فقوله: "بيع في الجناية وكلف أن يأتي بمثل قيمته" غلط لا شك فيه.
والجواب: قلنا: من أصحابنا من أخذ بظاهر كلام الشافعي وقال: يباع العبد في الجناية؛ لأنه وإن كان كالآلة للسيد فقد حصل منه مباشرة القتل، وقال: في المسألة وجهان، وهذا ظاهر مذهب الشافعي، وهذا غلط بل مذهب الشافعي ما ذكرنا، وهذا العبد كالآلة، ولو رهن سكينًا ثم قتل بها لم يكن الأرش بالسكين تعلق كذلك ههنا.
وتأول ما قال الشافعي ههنا أنه لم يقل يباع في أرش الجناية، بل قال: "فبيع"،وأراد إن باعه بعض الحكام باجتهاده لم ينقض، وكلف السيد أن يأتي بقيمته فتكون رهنًا مكانه، لأنه كان هو السبب في بيعه وإخراجه من الرهن. ومن أصحابنا من قال: تأويل المٍسألة أن البينة قامت علي العبد بالجناية فقال السيد: أنا أمرته بالجنياة بيع العبد للبينة كان إقرار السيد لا يقبل على المجني عليه في إسقاط حقه من رقبة العبد، ويلزم قيمته للمرتهن؛ لأن إقراره على نفسه مقبول.
ومن أصحابنا من قال: إنما لا يباع ق 247 أ العبد إذا كان السيد موسرًا فيؤخذ أرش الجناية من سائر ماله، فأما إذا كان معسرًا يباع العبد لأنه وإن كان كالآلة للسيد فإنه مباشر للفعل، وإذا لم يصل إلى الأرش من جهة السيد بعناه، فإذا أيسر السيد أخذنا منه