قيمته للمرتهن، وعلى هذا لو أمر صبيًا لا يميز بقتل رجل فقتله فعفا ولي الجناية عن القصاص إلي الذمة والآمر معسر والصبي القاتل موسر تؤخذ الدية من مال الصبي ويرجع الصبي علي الآمر إذا أيسر في أحد الوجهين، والصحيح أنه لا يؤخذ من ماله بحالٍ؛ لأن الجناية المنسوبة إلى الآمر وهو كالآلة.
مسألة:
قال: "ولو أذن له برهنه فجنى فبيع في الجناية فأشبع الأمرين أنه غير ضامن".
الفصل:
إذا طلب من رجل عبدًا ليرهنه على دراهم يستقرضها لنفسه أو شيء يشتريه يثمن في ذمته إلي أجل فأعطاه إلى رجل، فأعطاه إياه فرهنه، نص الشافعي في " كتاب الرهن الصغير" فيه علي قولين:
أحدهما: أن السيد بمنزلة المعير والراهن بمنزلة المستعير وتكون أحكام العبد أحكام العارية؛ لأن في الضمان يتعلق الحق بذمة الضامن، وههنا لا يتعلق بالذمة شيء فدل أنه عارية.
والثاني: أن السيد بمنزلة الضامن للحق في رقبة عبده والراهن بمنزلة المضمون عنه. ونص ق 247 ب على هذا في "الرهن الكبير".
وهذا أصح لأنه عقد وثيقة فالإذن فيه كالإذن في الضمان عنه مالًا، ولأن أعيان ماله كالذمة، بدليل أنه يشتري بعين ماله ويشتري في الذمة، فإذا صح أنه يضمن في الذمة صح الضمان في ماله، ولأن منافع هذا العبد لسيده، فلو كانت عارية لكانت منافعه للمستعير دون السيد.
فإذا تقرر هذا وقبض العبد علي ذلك ورهنه هل يصح؟ إن قلنا: كالضمان صح. وإن قلنا: كالعارية فالمذهب أنه يصح أيضًا.
وقال ابن سريج: لا يصح الرهن؛ لأن العارية عقد جائز ومتى صح هذا الرهن لزم وخرج عن مقتضى العارية فلا يجوز، وهذا لبس بشيء؛ لأن العارية لا تلتزم وله مطالبة الراهن بفكه متى شاء، ولأن العارية قد تلزم، وذلك إذا أعاره حائطًا ليبني عليه جذوعًا، فإذا صح هذا فإذن أذن له في رهنه ثم رجع نظر، فإن رجع قبل إقباض الرهن صح، وليس للمستعير أن يرهنه. وإن رجع بعد الإقباض لم يقدح هذا الرجوع في عقد الرهن؛ لأنه وقع بإذنه.
فإذا ثبت هذا، فإن قلنا إنه عارية يجوز أن يستأذن السيد في رهنه، وإن لم يبين مقدار الحق وجنسه وهل هو حال أو مؤجل، لأنه يجوز أن يعير عبدًا، ولا يبين جهة الانتقاء، ويعير دابة مطلقًا ويحمل عليها إلى أن ق 284 أ يسترد صاحبها، وقد قيل: إذا قال: ارهنه بما شئت فرهنه بقدر قيمته جاز، وإن رهنه بأكثر من قيمته فيه وجهان،