كان البائع بالخيار فهو تعليق قول منه في صحة البيع، وأشار إلى القولين، وإنَّا لم نصرح به لأن مقصوده أن الشرط باطل خلاف ما قال في القديم أن الشرط صحيح، ثم ذكرنا قولين في صحة الرهن بعد بطلان هذا الشرط سواء كان الرهن مشروطاً في بيع أو لم يكن، وإن كان كلام الشافعي كالمفضل بين الحالين إلا أن يقول بفساد البيع حينئذٍ يفسد الرهن لا محالة، وقيل: في هذه المسألة يحصل ق 287 أ أربع أقاويل على قول أبي إسحاق، وعلى مذهبه أبي علي ثلاثة أقاويل:
أحدها: يصح الشرط والرهن ويصح البيع.
والثاني: يفسد الشرط والرهن ويصح البيع.
والثالث: يفسد الشرط والرهن والبيع وهو الذي نص عليه.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ دَفَعَ إِلَيْهِ حَقَّا فَقَالَ: أَرْهَنْتُكَهُ بِمَا فِيهِ".
الفصل:
إذا رفع إليه حقاً، وقال: أرهنتكه بما فيه لم يجز الرهن فيما فيه؛ لأنه مجهول وهل يبطل في الحق؟ قولان بناء على تفريق الصفقة. ولو قال: رهنتك هذه الخريطة بما فيها لم يجز الرهن في الجميع؛ لأن الخريطة لا قيمة لها وإنما يقصد ما فيها فإذا كان المقصود مجهولاً بطل الرهن في الجميع، وهذا الذي قاله الشافعي من الفرق بين الحق خرج على خريطة لا قيمة لها، فإن كان الحق لا قيمة له والخريطة من ديباج لها قيمة كان الجواب كالضد مما ذكرناه فيكون في الخريطة جائزًا على أحد القولين، وفي الحق باطلًا قولًا واحدًا، ولو قال: رهنتك هذا الحق ولم يقل بما فيه كان الحق رهنًا؛ لأن ما فيه لم يرهنه، ولو قال: رهنتك هذه الخريطة ولم يقل بما فيها.
قال بعض أصحابنا: كان الرهن باطلًا؛ لأن الخريطة على ما قال الشافعي لا قيمة لها مقصودة ظن وإنما المقصود ما فيها فكأنه رهن ما فيها، وإن لم يشرطه وليس كذلك الحق فإن له قيمة مقصودة، ولو قال ق 287 ب: رهنتك هذه الخريطة دون ما فيها كان الرهن في الخريطة جائزًا؛ لأنَّا علمنا أنه رهن الخريطة وحدها ورضيا بقيمتها، وإن كانت القيمة يسيرة فجاز ولو لم يكن لها قيمة أصلاً لا يجوز.
ومن أصحابنا من قال: نقل المزني في الحق أنه يجوز، وفي الخريطة أنه لا يجوز فالمسألتان على قولين وهذا ليس بشيء، وإنما أشكل على هذا القائل هذا لأنه لم يعرف أصول الشافعي.