واحتج أيضًا بأن الله تعالى: جعل الرهن وثيقة للمرتهن كما جعل الشهود وثيقة له فلو كان دينه يسقط بتلفه لكان الارتهان مهاطرًا لا مستوثقًا، وكان ترك الارتهان خيرًا له لئلا يسقط عن ذمة غريمه إلا باستيفاء أو إبراء، وليس المرتهن بمعتدي حين قبض ولا حين تلف ولا بين ذلك ولا الرهن ثمن ولا بثمن فالضمان محال.
واحتجوا بما روى أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرهن بما فيه" وروى أبو حنيفة أن رجلاً رهن فرساً عند رجل فنفق عند المرتهن، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال: "ذهب حقك" قلنا: أما الأول: أراد محبوس بما فيه. وأما الثاني: رواه مصعب بن ثابت، عن عطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم ومصعب ضعيف، وعطاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. ثم نحمله على أنه أراد به ذهب حقك من الوثيقة.
مسألة:
قَالَ: "وَمَا ظَهَرَ هَلاَكُهُ وَخَفِيَ سَوَاءٌ" ق 289 أ قصد به الرد على مالك على ما ذكرنا، ولا وجه لما قال من التهمة، لأنه أمين ويتعذر عليه إقامة البينة على السرقة، ثم قال: "وَلاَ يَضْمَنُ المُرْتَهَنُ وَلاَ المَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الرَّهْن شَيْئاً إِلاَّ فِيمَا يَضْمَنَا فِيهِ من الْوَدِيعَةِ بِالتَّعَدِّي".
وقد ذكرنا هذا. والتعدي إما بالاستعمال أو التفريط في حفظه، ثم قال:
"قَضَاهُ مَا فِي الرَّهْنِ، ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّهْنُ فَحَبَسَهُ عَنْهُ وَهُوَ يُمْكِنُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ". وجملته أنه إذا قضاه الدين واستحق رد الرهن عليه فطالبه برده فأخر الرد نظر، فإن كان بعذر بأن كان الطريق محفوفًا أو كان الباب مغلقًا وكان يخاف فوق الجمعة أو الجماعة أو الصلاة أو كان
.......... شديد فأخر الرد لذلك فلا ضمان عليه، وإن لم يكن عذر فأخره فتلف يلزمه الضمان وهو قيمته أكثر ما كانت من حين منع إلى حين تلف.
فرع
مؤنة رد الرهن بعد الفكاك على من تلزم؟ ظاهر المذهبه أناه تلزم الراهن، وقيل: فيه وجهان:
أحدهما: على المرتهن لأنه يجب رده عليه.
والثاني: لا تلزم المرتهن لأنه كالمودع.