الفصل:
اعلم أن المزني نقل جواب مسألة لم يذكرها, والمسألة أن يسلم في حنطة ثم يفلس, فإن عقد السلم بحاله وله قبض المسلم فيه على صفته فإن قبضه دون صفته مثل الردئ مكان الجيد لا يخلو من أحد أمرين, إما أن يكون بإذن الغرماء فلا يصح قبضه ويلزمه أن يرده عليه ومطالبته بالطام الجيد؛ لأن هذه محاباة فيما تعلق به حق الغرماء, وإن كان بإذن الغرماء صح قبضه قولًا واحدًا. فإن قيل: قلتم في المكاتب إذا ق 315 أ في ماله بإذن سيده لم يجز في أحد القولين فما الفرق؟ قلنا: الفرق أنه منع المكاتب منه لنقصان ملكه ولا يكول ذلك بإذن السيد, وههنا المنع لحق الغرماء خاصة وملكه تام فجاز ذلك بإذنهم, فإن قال قائل: ظاهر ما قاله الشافعي ههنا يقتضى أن الغرماء الحاضرين إن رضوا بأخذ المسلم دون صفته كان له أخذه دون الصفة ولا ينتظر في ذلك رجوع الغائبين وهذا يضر بالغائبين. قلنا: أراد الشافعي به الحاضرين والغائبين لأنه ليس لبعضهم الاعتراض على حق البعض, فإذا رجع غائب من سفر وقال: لم أرض بأخذه دون صفته كان له طلب حقه بمقداره.
فرع
لو وهب المفلس مالًا يرضي الغرماء فيه قولان:
أحدهما: يجوز كما قال الشافعي له أن يأخذ السلم دون صفته بإذن الغرماء.
والثاني: لا يجوز لأنه أخذ السلم دون صفته مسامحة في عقد تقدم المفلس فصح منه مع رضاء الغرماء اعتبارًا بعقد معنى, والهبة عقد مبتدأ واستهلاك مال مستأنفًا فلم يصح مع رضي الغرماء لأنه ربما يكون له غريم غائب لم يرضى به.
مسألة:
قَالَ: "وَلَوْ أَسْلَفَهُ فِضَّةً بِعَيْنِهَا فِي طَعَامِ, ثُمَّ فَلَّسَ".
الفصل:
إذا كان المفلس المسلم إليه وهو بائع الطعام لا يخلو رأس المال من ق 315 ب أحد أمرين, إما أن يكون باقيًا في يده أو يكون تالفًا, فإن كان باقيًا في يده فله الخيار بين أن يقبضه وبين أن يؤخر ذلك حتى يحل حقه, ولا فرق بين أن يكون رأس المال دراهم أو عرضًا؛ لأن النقود عندنا تتعين بالتعيين, وإن كان تالفًا ليس له فسخ العقد لأنه لم يجد عين ماله فلا يفسخ وهو المذهب المنصوص.
قال أبو إسحاق: فيه وجه آخر أن السلف بالخيار بين أن يجيز البيع وبين أن يفسخ العقد ويضرب مع الغرماء برأس المال لا بالسلف فيه؛ لأن الشافعي قال: "إذا انقطع