موقعًا لم يقرضه ولم يعدله، بل يصرفه إليهم في الحال. وإن كان قليلًا لا يقع منهم الموقع فلا بد من أمين يوضع المال على يده حتى يحصل بيع الجميع، وربما يمتد ذلك أيامًا، فإن وجد مليًا ثقة يقرضه ذلك حتى يبيع الباقي فلا ق 332 ب يجعله أمانة؛ لأن القرض مضمون على المستقرض فيكون أحفظ للمفلس، وإن لم يكن المستقرض ثقًة لا يقرض بحالٍ.
فإن قال قائل: إذا كان السلف لا يقبل الأجل ولو ذكر فيه الأجل كان حالًا فما معنى تقييد الشافعي كلامه بالحلول حيث قال:
"وَإِنْ وَجَدَ الإِمَامُ ثِقَة? يُسَلًفُهُ المَالَ حَالًا".
قلنا: هذا ليس بشرط بل هو وصف للقرض، فكأنه قال: يسلفه المال السلف الذي هو حال، فإن الأجل لا يثبته في القرض بحالٍ. وقيل لئلا يشترط الأجل فيرفع إلى مالكي المذهب يرى ثبوت الأجل في القرض فيجبره عليه فيكون فيه ضررا بالغرماء، وقيل: إنما ذكر هذا لأن القرض إذا كان مقيدا بالحلول حسنت المطالبة به كل حين، وإذا سار مقيدا بالتأجيل لم تحسن المطالبة به حالا؛ لأن الوفاء بالوعد من معالم الشريعة والتغرير قبيح.
وقيل: أراد حالًا بغير تشديد، يعني أنه يقرضه في الحال، وهذا ليس بشيء.
فإن قيل: أليس قال الشافعي في ولي الصبي يودع مالا ف ولا يقرضه، فما الفرق؟ قلنا: الفرق أن مال الصبي يعد لمصلحة تظهر له من شراء عقارٍ أو تجارة وفي القرض تتعذر المبادرة إلى ذلك، ومال المفلس معد للصرف إلى الغرماء خاصة فالقرض أولى.
مسألة:
ق 323 أ قَالَ: "وَيَنْبَغِي إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنهُ وَقَفَ مَالَهُ عَنْهُ".
إذا رفع إلى الحاكم أن فلانًا أفلس لا يجوز له أن يحجر عليه إلا بثلاثة شروط:
أحدهما: أن يثبت عنده الدين للغرماء بما يثبت به مثله من إقرار وبينة.
والثاني: أن يطالب الغرماء بالحجر عليه.
والثالث: أن يكون ماله لا يفي بديونهم، فإن كان ماله لا يفي بديونه فإن لم تظهر أمارات الفلس فقد ذكرنا وجهين، والصحيح أنه لا يحجر.
فإن قيل: فما تأويل قول الشافعي: إذا باع المحجور شيئًا من ماله في أحد القولين يصح ويكون الفاضل من ديون الغرماء. وهذا يدل على جواز الحجر، وإن كان له مال يفضل عن الديون؟ قلنا: أراد إذا زادت السلعة التي عنده فتصرفه نافذ في الفاضل، يعني في الزيادة. والحجر عليه أن يقول الحاكم: وقفت ماله عليك ومنعتك من التصرف فيه،