أو يقول: حجرت عليك ومنعتك من التصرف فيه. وقيل: في اللفظ الذي يقع به الحجر وجهان:
أحدهما: وهو اختيار البغداديين أن يقول الحاكم: قد وقفت مالك ومنعتك من التصرف فيه؛ لأن هذا هو المقصود بالحجر.
والثاني: وهو اختيار البصيرين: أن يقول: حجرت عليك بالفلس؛ لأن الحجر يتنوع ولكل واحد منه حكم فلا بد من التصريح به ليمتاز عن غيره؛ ولأن وقف المال والمنع من التصرف من أحكام الحجر فلم يقع به ق 323 ب الحجر.
ثم الاحتياط أن يشهدا الحاكم على حجره؛ لأن فيه تشهير أمره فلا يباع ولا يشاري، ولأن الحاكم ربما عزل؛ فإذا لم يكن أشهد عليه لا يقبل قوله فيه. وقيل: الإشهاد هل هو شرط في تمام الحجر؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يشترط لأن نفوذ الحكم لا يحتاج إلى الإشهاد.
والثاني: يشترط لأن المقصود به الشهرة ولا يكون مشتهرًا إلا بالإشهاد فجرى مجرى اللعان الذي يقصد به الشهرة.
وإذا أراد الحاكم أن يعلم عجزه عن قضاء ديونه، فالوجه فيه أن يقوّم ماله ويقابل بينه وبين ديونه، وهل تقوّم أعيانه التي اشتراها ولم يؤد ثمنها فيه وجهان:
أحدهما: لا تقوّم لأنه لا فائدة في ذلك فإن يرجع صاحبها فيها.
والثاني: لجواز أن لا يختار البائع الرجوع فيها ويختار المضاربة وإن طلب بعض الغرماء الحجر عليه في موضع الحجر ولم يطلب البعض أجيب من طلبه لأنه حق له. وإذا امتنع من قضاء دينه مع اليسار لا يحجر عليه ويطلبه دينه ويحبسه عليه، فإن قضاه وإلا باع عليه. وبه قال مالك، وأبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو يوسف: لا يبيع عليه مالكه بحسبه حتى يبيعه إلا أن يكون ماله أحد النقدين وعليه النقد الآخر فله صرفه إليه. وهذا غلط؛ لما روى كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معا رضي الله عنه ق 324 أ وباع عليه ماله.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في خطبته: ألا إن الأسيفع أسيفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، فأدان معرضًا فأصبح قد دين به، فمن كان له عليه دين فليحضر غدا فإنًا بايعوا مالوا وقاسموه بين غرمائه. ثم قال: إياكم والدين فإن أوله هم وآخره حزن.