لزمه رده لعدم ملكه بطل إبراؤه لعدم صفته، وكمن باع عبداً بيعاً فاسداً فأذن لمشتريه في عتقه فاعتقه المشترى بإذنه لم يعتق، لأن إذنه إنما كان مضموناً بملك العوض فلما لم يملكه بالعقد الفاسد لم يعتق عليه بالإذن، فإن قيل: افيسع صاحب الحق أن يأخذ ما بذل له بالصلح مع الإنكار إذا كان محقاً قيل بسعة ذلك ويجوز فيما بينه وبين الله تعالي فأما في ظاهر الحكم فيجب عليه رده.
فصل
فلو ادعى عليه ألفا فأنكره قم أبرأه منها قبل ثبوتها عليه بينة أو إقرار برئ منها لأن الإبراء إذا لم يكن عن عقد صلح كان مطلقاً فصح وإذا كان عن عقد صلح كان مقيداً بصحته فبطل ببطلانه ولكن لو لم يبرئه منها بلفظ الإبراء وقال قد حططتها عنك ففيه وجهان لأصحابنا:
أحدهما: أنه قد سقطت المطالبة بها وبرئ منها؛ لأن الحطيطة أحد ألفاظ الإبراء.
والثاني: أن المطالبة باقية ولا يبرأ من شيء لأن الحطيطة إسقاط وإسقاط الشيء إنما يصح بعد لزومه.
فصل
فلو ادعى عليه ألفا اقر بها ثم صالحه منها علي خمسمائة وأبرأه من الباقي فكان ما صالحه عليه من الخمسمائة مستحقاً فالصلح صحيح والإبراء لازم. ويرجع علي المقر ببذل ما استحق من يده وإنما كان كذلك لان ما في الذمم من الحقوق إذا أخذ به مال معين لم يتعين فيه إلا بأحد أمرين:
إما الاستقرار بالقبض باستقرار الملك.
وإما لتعيينه بعقد لازم. وهذا النوع من الصلح هو إبراء وليس بعقد من عقود المعوضات اللازمة. فغلب حكم الإبراء في صحة الصلح ولم يغلب حكم المعاوضة في إبطال الصلح.
فصل
إذا أقر المدعي عليه بالحق ثم أنكر جاز الصلح، وإن أنكر فصولح ثم أقر كان الصلح باطلاً. لأن الإقرار المتقدم لا يبطل بالإنكار الحادث فصح الصلح إذا أنكر بعد إقراره لوجوده بعد لزوم الحق. ولم يصح الصلح إذا كان عقيب إنكاره وقبل إقراره لوجوده قبل لزوم الحق.
فصل
فلو أنكر الحق فقامت عليه بينه عادلة جاز الصلح عليه للزوم الحق بالبينة كلزومه بالإقرار.
فلو كان المدعي عليه علي إنكاره فقال صالحني عليه لم يكن ذلك إقراراً فلا يصح