فصل
فإن كانت الطريق غير نافذة فليس له إخراج الجناح فيها إلا بإذن جميع أهلها سواء كان الجناح مضراً أو غير مصر.
لأن الطريق التي لا تنفذ مملوكة بين جميع أهلها وليس لأحدهم ان يتصرف فيها إلا بحق الاجتياز، فلم يجز ان يتعدى إلي إخراج كالأرض المشتركة أو الطريق المستحقة.
فإن صالح أهل الطريق علي مال في إقرار الجناح لم يجز لأنه صلح علي الهوى.
إلا ان يتصل بالعرضة كبناء بعضه في عرضة الطريق ثم يرفعه فيجوز.
ويكون ذلك بيعاً منهم بقدر حقوقهم من العرضة التي حصل فيها البناء فلو أذنوا جميعاً له في إخراج الجناح جاز مضراً كان أو غير مضر.
لأنه حق قد تعين لهم لا يشركهم فيه غيرهم وليس كالطريق النافذة التي يشترك فيها الكافة فلو رجعوا بعد إذنهم، فان كان رجوعهم بعد إخراج الجناح لم يكن لرجوعهم تأثير وكان له إقرار الجناح ما بقي.
وإن كان قبل إخراجه بطل ما تقدم من الإذن فكان إخراج الجناح كمن أخرج بغير إذن وكذا لو رجع أحدهم
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه:"ولو أن رجلين ادعيا داراً في يدي رجل فقالا ورثناها عن أبينا فأقر لأحدهما بنصفها فصالحه من ذلك الذي أقر له به علي شئ كان لأخيه ان يدخل معه فيه (قال المزني):قالت أنا: ينبغي في قياس قوله أن يبطل الصلح أقرب في حق أخيه لأنه صار لأخيه بإقراره قبل أن يصالح عليه إلا ان يكون صالح بأمره فيجوز عليه"
قال في الحاوي: وصورتها في أخوين ادعيا داراً في يد رجل ميراثاً عن أبيهما أو نسباً ذلك إلي جهة يستويان فيها غير الميراث كقولها ابتعناها من زيد أو استو هبناها من عمرو فيكون حكم هذا وحكم الميراث سواء لأنهما نسبا ذلك إلي جهة واحدة يستويان فيها. وإذا كان كذلك فلصاحب اليد ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يصدقهما ويقر لهما فيلزمه بإقراره تسليم الدار إليهما.
والحال الثانية: أن يكذبهما وينكرهما فالقول قوله مع يمينه ما لم يكن للأخوين بينه. فإن نكل عن اليمين ردت علي الأخوين فإن حلفا كانت الدار بينهما نصفين، وإن نكلا أقرت الدار في يد المدعي عليه. وإن حلف أحدهما ونكل الآخر كان نصف الدار للحالف بيمينه لا يشاركه أخوه في شئ منها والنصف الآخر مقر في يد (المدعى) عليه.