مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن صالحه علي دار أقر له بها بعبد قبضه فاستحق العبد رجع إلي الدار فأخذها منه"
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا ادعي عليه داراً في يده فأقر بها ثم صالحه منها علي عبد فاستحق العبد فذلك ضربان:
أحدهما: أن يكون العبد معيناً فالصلح باطل كما لو ابتاع داراً بعبد فاستحق العبد. وله أن يرجع بالدار كما يرجع به البائع.
إلا أن يستأنف صلحاً ثانياً وكذا لو كان البعد مرهوناً أو مكاتباً أو مات قبل قبضه. ولا يبطل الصلح لو كان مدبراً أو موصى بعتقه أو معتقاً بصفة.
الثاني: أن يكون العبد غير معين موصوف في الذمة، فالصلح لا يبطل باستحقاقه وعليه أن يأتي بعبد علي مثل صفته كما لو استحق العبد المقبوض في المسلم.
ولو كان العبد معيناً فقتل قبل قبضه ففي بطلان الصلح بقتله قولان ذكرناهما في البيوع.
مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه:" ولو صالحه علي ان يسكنها الذي هي في يديه وقتاً فهي عارية إن شاء أخرجه منها"
قال في الحاوي: وهذا صحيح: إذا ادعي عليه داراً فاعترف بها ثم صالحه علي أن يكسنها المقر سنة كان الصلح باطلاً.
لأن الصلح إنما يصح إذا عاوض علي ما يملك بما لا يملك. وهذا قد عاوض علي ملكه بملكه لأن من ملك داراً ملك سكناها.
فإن قيل أفليس لو صالحه علي نصفها جاز، قيل قد ذكرنا فيه وجهين:
أحدهما: لا يجوز للعلة التي ذكرناها.
والثاني: يجوز.
والفرق بينهما أن الصلح عن النصف هبة. والهبة لازمه فصار الصلح بها لازماً والصلح علي السكني عارية والعارية غير لازمه فصار الصلح بها غير لازم، فإذا ثبت أن هذا الصلح باطل فالمالك الدار أن يسكنه إياها إن شاء وله أن يخرجه منها متى شاء كالدار العارية ولا أجرة عليه.
فلو جعل الصلح علي السكني شرطاً في إقراره فقال قد أقررت لك بهذه الدار علي أن أسكنها سنة بطل اشترط السكني والصلح عليه.
فأما الإقرار فقد اختلف أصحابنا فيه:
فذهب أبو علي بن خيران إلي بطلانه لكونه إقراراً مقيداً بشرط.
وذهب سائر أصحابنا إلي صحة الإقرار ولزومه لأنه إقرار بشرط في عارية.