الثمن فينبغي أن يجوز له البيع أيضا بما عز وهان من الثمن؟ قلنا: معنى قوله: قام مقام صاحبه في أمل جواز البيع لا في صفة البيع والمحاباة. ولو قال: بع بما ترى أو تصرف ما ترى يجب مراعاة النظر فلا يجوز له أن تبيع بالمحاباة ولا بما يتغابن الناس بمثله، ولو قال: به بما شئت له أن يبيع بالمحاباة.
فإن قال قائل: ما الفرق بين قوله: "بعْ ما ترى" وبين قوله: "بع بما شئت" وكل واحد منهما تفويض إلى مراده؟. قلنا: الفرق أنه إذا قال: بع بما شئت ظاهره الرضا بمشيئتهء وإذا قال: به بما ترى فقد وكله إلى الرأي والرأي هو الاجتهاد. على أنه إذا قال: بع بما شئت والحال تدل على أن مراده بما شئت من نقد أو عرض 50 / ب وليس المراد الغبن والمحاباة ليس له المحاباة، فإن لم تدل قرينة الحال ومقامة اللفظ على ذلك فظاهر اللفظ أنه خيره من جميع الوجوه.
والرابع: أن يكون الربح على قدر المالين فإن شرطا التفاضل في الربح مع التساوي في قدر المال أو التساوي في الربح مع التفاضل في قدر المال فالشركة باطلة وبه قال مالك، لأن المال هو الأصل في الشركة والربح في مقابلته والعمل تابع له بدليل أنهما إذا أطلقا عقد الشركة كان الربح على قدر المالين، فإذا شرطا شرطًا يخالف مقتضى عقد الشركة فسد الشرط وتفسد به الشركة ومن أصحابنا من قال: يفسد الشرط وتصح الشركة حكاه القاضي الطبري.
قال أبو حنيفة: يجوز شرط التفاضل والنقصان في الربح بخلافه رأس المال، ولا يجوز شرط التفاضل والنقصان في الخسران.
وقال ابن أبي ليلى: يجوز الشرط في الربح والخسارة. فإذا تقرر هذا هل يكون بطلان شرط التفاضل فيها موجبًا لبطلان الشركة على معنى بطلان الإذن في التجارة بالمال المشترك وجهان:
أحدهما: أنه يبطل الإذن لبطلان الشرط فلا يجوز لأحدهما أن يتصرف، فإن تصرفه كان كمن تصرف في مال مشترك عن شركة فاسدة.
والثاني: أن اشتراط التفاضل وإن بطل بالشرع لا يوجب ذلك بطلان الإذن فيجوز أن يتجر كل واحٍد منهما بجميع المال ويكون الربح مقومًا بالحصص. وعلى هذا إذا عملا اقتسما الربح على قدر المالين ويثبت لكل واحد منهما على صاحبه نصف أجرة مثله فيما عمله، فإن تصرفه حصل في ملك نفسه وملك غيره فيسقط نصف الأجرة ويرجع على صاحبه بنصف الأجرة، فإن كانتا سواء تقاصيا، وإن اختلفتا رجع من له الفضل على صاحبه بالفضل لأنه لم يلم له الربح المشروطء فإذا لم يلم المسمى وجب أن يرجع إلى أجرة مثله كما نقول في المضاربة الفاسدة.
فإن قيل: العمل في الشركة لا يقابله العوض وإنما العوض في مقابلة المال في الشركة الصحيحة فكيف خالفتم هذا في هذا الموضع؟ وهذا سؤال أبي حنيفة رحمه الله. لأن عنده لا تجب الأجرة للعامل في الشركة الفاسدة كما في 51 / أ الصحيحة.