والغسل من غسل الميت، وغسل الكافر إذا أسلم. ولم يذكر الشافعي في هذا الباب الأخير، وقد ورد به الخبر، وإن لم يكن لزمه الغسل أصلًا.
مسألة: قال: "وَأَوْلَى الغُسْلِ أَنْ يَجِبَ عِنْدِي بَعْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ الْغُسْلُ مِنْ غُسلُ الْمَيَّتِ".
الفصل
وهذا كما قال: ليس بعد الغسل الواجب من غسلين (265 ب/ 1) غسل الجمعة، والغسل من غسل الميت، ثم اختلف في قوله في الأوكد بعد الغسل الواجب، فقال في القديم: واجبًا، وبين أن لا يصح فيكون مستحبًا. وقيل: فيه وجه ثالث: هما سواء. واحتج المزني بأن الخبر إذا لم يثبت في الغسل من غسل الميت وثبت في غسل الجمعة فهو آكد، ثم أكد بأن من مس خنزيرًا أو ميتة لا غسل عليه ولا وضوء، فكيف يجب في أخيه المؤمن ذلك.
ومن قال بالأول أجاب عن هذا بأنه لو ثبت الخبر في الميت وجب، لأن اللفظ أمر مطلق، فيخاف إذا تركه أن يكون تاركًا للواجب، وهناك يتيقن أنه لا يترك واجبًا، وليس كمس الخنزير، ولأن للآدمي من الحرمة ما ليس لغيره، ولا ينكر وجوب الغسل والوضوء من مماسة ما له حرمة كما لو مس فرجخ، فإنه يلزمه الوضوء بخلاف ما لو مس خنزيرًا أو فرجه. والجواب عن هذا أنه لم يثبت الخبر فيه، ولا ذهب أحد من السلف إلى وجوبه، ومذهب مالك وجوب الغسل للجمعة فلا يكون ذلك آكد منه.
باب حيض المرأة، وطهرها، واستحاضتها(263 أ/ 1) قال: قال الله تعالى: {َيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}.
(البقرة: 222)، الآية وهذا كما قال.
اعلم أن الحيض دم يرخيه الرحم عند بلوغها في أوقات معتادة، وأوصله من قولهم: حاض السيل إذا أفاض وسال. وحاضت الشجرة: إذا أخرجت صمغها حتى سال منها. والأصل فيه هذه الآية.
قال الشافعي: أراد المحيض الحيض، يقال: حاضت المرأة حيضًا ومحيضًا، كما يقال: سار سيرًا ومسيرًا ويكون تقديم الكلام: فاعتزلوا النساء في زمن حيضهن. وقيل: المحيض عبارة عن الفرج لأنه موضع الحيض، كما يسمى موضع البيتوتة مبيتًا، وموضع القيلولة مقيلًا، ويكون تقديره: اعتزلوهن فلا تجامعوهن في الفرج. وما قاله