أصحابنا في سقوط الضمان عنه إذا رده المستودع على وجهين:
أحدهما: لا يسقط الضمان عنه لأنه غير مالكه.
والثاني: قد سقط عنه الضمان، لأن المستودع على أمانته فصار عودها إلى يده كعودها إلى المالك، وليس كذلك إذا كان المستودع هو الضامن له، لأنه قد خرج من الأمانة.
فصل
فإذا ثبت أن ضمان التعدي باق وإن كف عنه فسقوطه عنه يكون بردها على مالكها أو وكيل مالكها في قبضها، فأما إبراء المودع له من ضمانها فإن كان بعد تلفها واستقرار عزمها في ذمته صح الإبراء إذا كان بعد تلفها، وإن كان مع بقائها ففي سقوط ضمانها وجهان:
أحدهما: وهو قول المروروزي قد سقط الضمان، لأن الإبراء استئمان.
والثاني: أن الضمان لا يسقط عن الغاصب بالإبراء قبل الرد، ولأن الإبراء إنما يتوجبه إلى ما استقر من الديون في الذمم لا إلى ما في الأيدي من الأعيان، وإنما هبات الأعيان لا تسقط ضمانها، فعلى هذا لو أعادها المستودع إلى حرزها بإذن مالكها كان سقوط الضمان عنه على هذين الوجهين، والله أعلم.
مسالة (1)
قال الشافعي: "ولو أودع عشرة دراهم فأنفق منها درهما ثم رده فيها ولو ضمن الدرهم".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن من وجوب الضمان بكسر الختم وحل الشداد وجهان:
فأما إذا أودع دراهم غير مختومة ولا مشدودة فأخرج منها درهماً لينفقه قد ضمنه وحده ولا يضمن غيره، فإن رده بعينه ولم ينفقه لم يسقط عنه ضمانه، فإن خلطه بالدراهم، نظر فإن تميز عنها ضمنه وحده ولم يضمن جمع الدراهم وإن لم يتميز عنها ففي ضمان جميعها وجهان:
أحدهما: يضمن جميعها، لأنه قد خلط مضموناً بغير مضمون فصار بذلك متعدياً فضمن الجميع وهذا مذهب أبي حامد المروروزي، والبصريين.
والثاني: لا يضمن، لأن كل ذلك مال واحد قد آثر مالكه خلطه فلم يكن في خلطه خلاف غرضه، وهذا مذهب أبي علي بن أبي هريرة، والبغداديين، وإن أنفق ذلك الدرهم ورد بدله وخلطه بالدراهم فلا يخلو حال ذلك الدرهم الذي رده بدلاً من ثلاثة أقسام: