إخراجه لها لغير هذا العذر، وسواء كان حدوث ذلك من داره أو من جواره.
والثاني: أن يعلم كذب ما ادعاه من حدوث والغارة فدعواه مردودة بيقين كذبه، ولا يمين على المودع لاستحالة الدعوى.
والثالث: أن يكون ما ادعاه ممكناً لجواز أن يكون قد حدث، ويجوز أن لا يكون فيقال للمستودع ألا علمت من الحال السلامة، والظاهر من إخراجك التعدي، فإن أقمت البينة بحدوث الخوف ينتقل بها عن الظاهر جعلنا حينئذٍ القول قولك مع يمينك بأنك أخرجتها بغليان النار وحدوث الغارة، وإن لم تقم بينة تنقلها عن الظاهر غلبنا حكم الظاهر وجعلنا القول قول المودع مع يمنيه بالله بأنه لم يحدث من الناحية ناراً ولا غارة، لأن الظاهر معه، ويصير ضامناً للوديعة، فأما إن نقلها خوفاً من حدوث غارة أو نار فلم تحدث غارة ولم تغشى نار فإن كانت أمارات صدق دعواه ظاهرة ودواعيه غالبة لم يضمن، وإن كان ظناً وتوهماً ضمن.
مسألة (1)
قال الشافعي: "ولو قال دفعتها إلى فلان يأمرك فالقول قول المودع ولو قال: دفعتها إليك فالقول قول المودع".
قال في الحاوي: وهما مسألتان:
أحدهما: أن يدعي المستودع رد الوديعة على مالكها.
والثانية: أن يدعي دفعها إلى غير مالكها بإذنه، فالقول قوله في الرد مع يمينه، سواء كان المودع قد أشهد عليه عند الدفع للوديعة إليه أو لم يشهد. وقال مالك: إن المودع قد أشهد عليه عند الدفع لم يقبل قول المستودع في الرد، وإن لم يشهد عليه فقبل قوله استدلالاً بأنه إذا لم يشهد عليه فقد رضي بأمانته قبل قوله عليه، فإذا أشهد عليه لم يرض بأمانته فلم يقبل قوله عليه، وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه لما كان قوله من التلف مقبولاً مع الشهادة وعدمها، وجب أن يكون قوله من الرد مقبولاً مع الشهادة وعدمها.
والثاني: أنه لما كان قول الوكيل مقبولاً في الحالتين، وقول المقرض والمستعير في الرد غير مقبول في الحالتين، كان المستودع ملحقاً بأحد الأصلين في أن يكون قوله في الرد مقبولاً في الحالتين أو مردوداً في الحالين فلما كان في أحد الحالين مقبولاً وجب أن يكون من الآخر تقرر.
فإذا تقرر مقبول القول في الرد فإنما يقبل قوله ما كان على أمانته فلو ضمنها بتفريط أو عدوان لم يقبل قوله في الرد، وكان القول قول المودع يمينه، وله الغرم، وهكذا لو