والحكم في نقل الوديعة من خريطة إلى أخرى، أو من صندوق إلى صندوق، كنقلها من بيت إلى بيت، ومن دار إلى دار وان خالفنا أبو حنيفة خلافاً تقدم الكلام معه فيه، وإذا كان هذا هكذا فلا يخلو أن تكون الخريطة مختومة مشدودة أم لا، فإن كانت مشدودة مختومة فكسر ختمها وحل شدها ونقلها إلى غيرها فعليه الضمان، ولو لم ينقلها بعد كسر الختم وحل الشداد ففي ضمانه وجهان، وإن كانت الخريطة غير مشدودة ولا مختومة فهذا على ضربين:
أحدهما: أن تكون الخريطة للمستودع؛ لأن الدراهم كانت مرسلة فأحرزها المستودع في خريطة فله نقلها إلى مثلها أو أحرز، فإن فعل فلا ضمان لعذر كان أو غير عذر، وإن نقلها إلى أدون منها مما لا يكون حرزاً لها ضمن.
والثاني: أن تكون الخريطة للمالك، فليس له نقلها من تلك الخريطة إلى غيرها إلا من عذر، فإن نقلها من غير عذر ضمن، سواء نقلها إلى أحرز منها أم لا، وإن نقلها من عذر فلا ضمان عليه، فلو اختلفا في صفة النقل هل هو لعذر أو غير عذر فالقول قول المالك مع يمينه، لأن الظاهر إخراجها عدوان إلا أن يكون من عذر.
مسألة (1)
قال الشافعي: "ولو أكرهه رجل على أخذها لم يضمن".
قال في الحاوي: اختلف أصحابنا في مراد الشافعي بهذه المسألة في الإكراه على أخذ الوديعة.
فقال أبو علي بن أبي هريرة: هي مصورة في مالك مال أراد أن يودعه عند رجل فامتنع عليه فأكرهه على أن دفعها إليه، فأخذها المستودع منه كرهاً فلا ضمان عليه وإن كان مكرهاً في الأخذ، لأنه مؤتمن إلا أن يكون منه عدوان أو تفريط، فيضمن، لأنه وإن كان مكرهاً، فقد صار حفظها عليه بعد حصولها في يده واجب، فإذا خالفه ضمن، فإن لم يحسن التزام حفظها سلمها إلى الحاكم، فسقط الحفظ والضمان عنه بتسليمها إليه إذا كان المالك ممتنعاً من استرجاعها.
فصل
وقال أبو إسحاق المروزي: هي مصورة في رجل تبل وديعة طوعاً، ثم تغلب عليه متغلب فأكرهه على أخذها منه، فهذا على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يأخذها المتغلب بنفسه من غير أن يدفعها المستودع ولا دلالة عليها، فهذا غير ضامن لها، لأنه لا يقدر على دفع الأيدي الغالبة.
والثاني: أن يدفعها بنفسه مكرهاً ففي ضمانه وجهان: