لا أحله لمغتسل ولكنه لشارب حل وبل.
وهذا غلط لظاهر الآية، ولأن الناس كلهم يتوضؤون به في الأعصار، ولكونه نابعًا من عين شريفة لا يمنع الوضوء به كعين سُلْوَان. وأما قول العباس: يحتمل أنه قال لضيق الماء في وقته لعينه وكثرة الشاربين.
فرع آخر
قال بعض أصحابنا: يكره التوضؤ بالماء الحار الشديد والبارد المفرد؛ لأنه لا يمكنه إسباغ الوضوء به.
مسألة: قال: "وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ مَاِء وَرْدٍ أَوْ شَجَرٍ".
الفصل
23 ب/ 1 وهذا كما قال: هذا هو القسم الثالث من مسائل الباب وقوله: "وَمَا عَدَا ذَلِكَ" أي وما جاوز ما ذكرنا من القسمين، ثم فسره بقوله: "مِنْ مَاِء وَرْدٍ" يريد به الماء المعتصر من الورد. وقوله: "أَوْ شَجَرٍ" أراد المعتصر من الشجر، أو ما ينزل عنها إذا قطعت رطبة. وقوله: "أَوْ عَرَقٍ" قرئ بثلاث قراءات، بفتح العين والراء وبكسر العين وتسكين الراء، وبفتح العين وتسكين الراء.
فأما الأولى: فهو الرشح من الآدمي وغيره من الحيوانات لا يجوز التوضئ به، وقد يحصل من العرق ما يمكن التوضئ به بمكة في البيت الحرام عند اجتماع الناس في الموسم، بحيث لو كان هناك ميزاب يسيل منه، وهذا بعيد عندي.
وأما القراءة الثانية: فهو الماء الذي يسيل من أصل الشجر إذا قطع، وهو في شجر الكرم والجوز، والخلاف في وقت الربيع. وقيل: هو عرق يكون على جنب البعير، وذلك أن العرب يعطشون البعير ثم يرونه بالماء عند الأسفار الشاسعة التي يخشى فيها إعواز الماء، فإذا ألحقهم العطش يقطعون ذلك العرق فيسيل منه الماء. وقال بعض أصحابنا: هذا لا يصح؛ لأن الشافعي لم يتعرض للماء النجس في هذا الباب وهذا ماء نجس.
وأما القراءة الثالثة: فهو ماء الكروش، وذلك أن العرب كانت إذا أرادت قطع المفاوز عطشوا الإبل ثم أوردوها الماء، فتحمل الماء في كروشها فإذا عدموا الماء نحروها واعتصروا كروشها وشربوا وهذا أظهر، لأنها 24 أ/ 1 الشجر تقدم ذكره. والشافعي قال في "الأم": "ولو اكتظ كرشًا فعصره لم يجز التوضئ به". والاقتظاظ: هو مشتق من غلظ الماء؛ لأن ماء الكرش يكون غليظًا، وذكر المحاملي- رحمه الله- في تصنيفه: أنه لا يجوز التوضئ به وإن كان طاهرًا، وهذا سهو منه؛ لأنه لا شك في نجاسته.