الحرفة الضعيفة الذين لا تقع فيهم موقعاً من حاجتهم ولا يسألون الناس. وقال: وفي الجديد زمناً كان أولى أو غير زمن سائلاً أو متعففاً. قال الشافعي: والمساكين السؤال ومن لا يسأل ممن له حرفه لا تقع منه موقعاً ولا تغنيه ولا عياله. وقال في الجديد: سائلاً كان أو غير سائل. قال المزني: أشبه بقوله ما قاله في الجديد؛ لأنه قال: لأن أهل هذين السهمين يستحقونهما بمعنى العدم وقد يكون السائل بين من يقل معطيهم وصالح متعفف بين من يبدونه بعطيتهم".
قال في الحاوي: اعلم أن الفقر والمسكنة اسمان يشتركان من وجه ويفترقان من وجه، فأما الوجه الذي يشتركان فيه فهو الضعف، وأن كل واحد منهما إذا أفرد بالذكر شاركه الآخر فيه حتى لو وصى بثلث ماله الفقراء شاركهم المساكين ولو وصى به للمساكين شاركهم الفقراء.
وأما الوجه الذي يفترقان فيه فهو أنه إذا جمع بينهما تميزا ثم اختلف في تميزهما عند الاجتماع هل يكون التميز بينهما باختلافهما في الحاجة أو باختلافهما في الصفة فذهبت طائفة إلى تميزها بالاختلاف في الصفة مع تساويهما في الضعف والحاجة ومن قال بهذا اختلفوا في الصفة التي بها وقع التمييز بينهما على أربعة أقاويل:
أحدها: أن الفقير هو المحتاج المتعفف عن السؤال والمسكين هو المحتاج السائل وهذا قول ابن عباس والحسن والزهري.
والثاني: أن الفقير هو ذو الزمانة والمسكين هو الصحيح الجسم من أهل الحاجة، وهذا قول قتادة.
والثالث: أن الفقراء هم المهاجرون والمساكين غير المهاجرين، وهذا قول الضحاك بن مزاحم وإبراهيم النخعي.
والرابع: أن الفقراء من المسلمين والمساكين من أهل الكتاب، وهذا قول عكرمة. وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجمهور الفقهاء إلى أن تميزها بالاختلاف في الضعف والحاجة وإن تساويا في الصفة وأن أحدهما أسوأ حالاً من الآخر، فبذلك تميز عنه ثم اختلفوا في أيهما أسوأ حالاً الفقير أو المسكين، فذهب الشافعي إلى أن الفقير هو أسوأهما حالاً وهو الذي لا شي، له أو له يسير تافه لا يؤثر في قدر حاجته.
والمسكين: هو الذي له ما يؤثر في حاجته، ويقتصر على كفايته، فإذا كانت كفاية الواحد عشرة فإن وجدها فليس بمسكين ولا فقير، وإن عدمها أو وجد أقلها كان فقيراً، وإن وجد أكثرها كان مسكيناً وهذا في أهل اللغة قول الأصمعي وقال أبو حنيفة المسكين أسوأ حالا من الفقير فالمسكين عنده على صفة الفقير عندنا، والفقير عنده على صفة المسكين عندنا، وهو في أهل اللغة قول الفراء وثعلب واختاره أبو إسحاق المروزي من أصحابنا استدلالاً بقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} البلد:16 أي ملصق بالتراب لضره وعربيه وليس أحد أسوأ حالاً ممن هذه صفته، فدل على أن المسكين أسوأ حالاً