من الفقير، وبقوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ} البقرة:177 والسائل أحسن حالاً فدل على أن المسكين أسوأ حالاً، ولأن الله تعالى خص بمصرف أموال الطهرة من ذوي الحاجات من القرب والكفارات على المساكين دون الفقراء، فدل تخصيصهم بالذكر على اختصاصهم بسوء الحال.
قالوا: وقد حكي عن يونس قال: قلت لأعرابي أمسكين أنت، فقال: لا والحمد لله بل فقير، فدل على أن الفقير أحسن حالاً من المسكين؛ لأن الحمد يكون على أحسن الحالين ويدل على هذا أيضا قول (1):
أما الفقير الذي كانت حلوبته وفقاً العيال فلم يترك له سيد
فسماه فقيراً وله حلوبة وهي وفق عياله.
ودليلنا قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} التوبة:60 فبدأ بذوي الحاجات بالفقراء والبداية تكون بالأهم فاقتضى أن يكون الفقر أسوأ حالاً، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} فاطر:15 ولم يقل المساكين فدل على أن الفقير أمس حاجة وأسوأ حالاً من المسكين، وقال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} الكهف:79 فسماهم مساكين ولهم سفينة، فدل على أن المسكين أحسن حالاً.
وروى أبو زهرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان، ولكن المسكين المتعفف، اقرؤوا إن شئتم: {لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} البقرة:273 (2) فكان هذا نصاً في أن المسكين أحسن حالاً.
وروى أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كاد الفقر أن يكون كفراً، وكاد الحسد أن يغلب القدر" (3) فكان هذا نصاً على أن الفقير أسوأ حالاً وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين" (4) فدل على أن المسكين أحسن حالاً.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يتعوذ من الفقر اللازب يعني اللازم فدل على أن الفقير أسوأ حالاً.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ليس المسكين الذي لا مال له،