نصاب أو كالمشتغل لوقف؛ ولأن من حرمت عليه المسألة حرمت عليه الصدقة كالغني، ولأنه لما كان الاكتساب كالغنى في سقوط نفقته عن والديه ومولوديه ووجوبها عليه لوالديه ومولوديه كان كالغني في تحريم الصدقات.
فأما الجواب عن الآية فهو أن الفقر ليس العدم وإنما هو الحاجة، والمكتسب غير محتاج وأما الجواب عن قوله: "أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم" فهو أنه قد يكون في الناس من لا تؤخذ منه ولا تدفع إليه فهو مالك ما لا يزكى فكذلك المكتسب فجاز أن يكون منهم من تؤخذ منه فتدفع إليه وهو مالك ما يزكى إذا كان غير مكتسب.
وأما الجواب عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من سألنا أعطيناه" فهو أن معناه من أظهر لنا الفقر قبلنا منه، لأن الأصل في الناس العدم.
وأما قوله: "أعطوا السائل ولو جاء على فرس"، فهو دليلنا لأن أبا حنيفة يمنعه إذا كان ثمن فرسه نصاباً ونحن نعطيه إذا كان محتاجاً.
وأما قياسه على غير المكتسب فالمعنى فيه الحاجة والمكتسب غير محتاج. وأما قوله: "لما لم يكن الاكتساب كالمال في وجوب الحج والتكفير بالعتق كذلك في تحريم الزكاة" فهو فاسد بنفقات الأقارب التي يجعل الاكتساب فيها كالمال، ثم وجوب الحج والتكفير بالعتق يتعلقان بوجود المال والمكتسب غير واجد، وتحريم الزكاة يتعلق بالكفاية والمكتسب مكتف وبالله التوفيق.
مسألة (1)
قال الشافعي: "فإن قال الجلد لست مكتسباً لما يغنيني ولا يغني عيالي ولا عيال وليس عند الوالي يقين ما قال فالقول قوله، واحتج بأن رجلين أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألاه من الصدقة فقال: "إن شئتما ولا حظ فيها لغني ولا لذي مكتسب" قال الشافعي: رأى عليه الصلاة والسلام صحة وجلداً يشبه الاكتساب فأعلمهما أنه لا يصلح لهما مع الاكتساب ولم يعلم أمكتسبان أو لا فقال: "إن شئتما" بعد أن أعلمتكما أن لا حظ فيها لغني ولا لمكتسب فعلت".
قال في الحاوي: وهذا صحيح إذا تقرر فرق ما بين الفقير والمسكين بما ذكرنا فخص رجل ادعى فقراً مسكنة فللوالي على الصدقة ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يعلمه فقيراً فيدفع إليه لعلمه من سهم الفقراء ولا يكلفه ببينة ولا يميناً.
والحال الثانية: أن يعلمه غنياً فلا يدفع إليه من سهم الفقراء شيئاً فإن ادعى تلف ماله لم يقبل قوله إلا ببينة، فإذ أقامها على تلف ماله الذي كان به غنياً سمعها من