شاهدين أو شاهد وامرأتين، وسواء كانت بنيته من أهل المعرفة الباطنة أم لا، وإن أقام البينة على فقره لم يسمعها إلا من أهل المعرفة الباطنة به؛ لأنه قد يستر الغنى ويتظاهر بالفقر فلم تسمع منه البينة بعد تقدم العلم بغناه إلا ممن يعرف باطن أمره من أقاربه وجيرانه، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لقبيصة بن المخارق: "إن المسألة حرمت إلا في ثلاث ذكر فيها أو رجل أصابته جائحة" الخبر إلى أن قال: حتى يشهد له ثلاثة من ذوى الحجى من قومه (1).
إن تدخلت له المسألة فاختلف أصحابنا في الثلاثة هل يكونون شرطاً في بينته أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر الثلاثة تغليظاً، وإن شهادة العدلين مجزئة.
والثاني: أن الثلاثة ها هنا شرط، فعلى هذا هل يكون شهادة أو خبراً على وجهين:
أحدهما: أنها شهادة غلظت يراعى فيها عدالة الشهود في الحقوق لنقلها خلاف المعلوم.
والثاني: أنه خبر لزم فيه الاحتياط فميز بعدد وروعي فيه صدق المخبرين لا عدالة الشهود.
والحالة الثالثة: أن يجهل الوالي أمره ولا يعلمه غنياً ولا فقيراً فلا يخلو حال السائل من أحد أمرين:
إما أن يكون ظاهره موافقاً لمسألته أو مخالفاً لها، فإن كان ظاهره موافقاً لمسألته لما عليه من سمات الفقر والفاقة ودلائل الضر في ضعف بدنه ورثاثة هيئته فهذا يعطى من سهم الفقراء تعويلاً على شاهد حاله من غير قول يوعظ به ولا يمين يحلف بها، وإن كان ظاهره مخالفاً لمسألته وهو أن يكون قوي البدن حسن الهيئة فينبغي للوالي أن يقول له على طريق الوعظ والإخبار بحال من يحل له الصدقة، ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للذين سألاه الصدقة فصعد النظر فيهما، وصوب ثم قال: "إن شئتما ولا حظ فيها لغني ولا لذي قوة مكتسب" فإذا قاله له هذه المقالة وأقام على المسألة وأنه يستحق الصدقة أعطاه منها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للرجلين: "إن شئتما" فدل على أن ذلك لهما، وهل يحلف على فقره قبل الدفع إليه أم لا؟ على قولين:
أحدهما: لا يحلف؛ لأن الأصل الفقر ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما عرض اليمين على الرجلين.
والثاني: يحلفه على فقره؛ لأن ظاهره بخلاف قوله، فأما إن دعي عيالاً ففي قبول قوله فيهم وجهان: