على المسلمين، وقتل أهل بني معونة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتآلفه ويستكفه فأتى المدينة وقال: يا محمد شاركني في أمرك، وكنت أنت على المدر وأنا على الوبر، فقال: لم يجعل الله ذلك لي قال: والله لأملأتها عليك خيلاً ورجالاً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يأبى الله ذلك عليك وأبناء قبيلة الأرض والخزرج يعني الأنصار فخرج من عنده بأخبث نية فأخذته غدة مات بها وقد نزل على امرأة من سلول قال: وهو يجود بنفسه غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية.
والثاني: من الكفار أشراف ومطاعون لهم في الإسلام ونيات لم تخلص إن أعطوا قويت نياتهم في الإسلام فأسلموا، وإن لم يعطوا بقوا على كفرهم مثل صفوان بن أمية فإنه كان ذا نية في الإسلام واستعار منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أداة فأعاره مائة درع وحضر معه حنيناً وقال: قد انهزمت الصحابة في أول الوقعة أحسن مما قاله بعض المسلمين الذين أسلموا عام الفتح بمكة، فإن أبا سفيان قال عند الهزيمة غلبت هوازن، وقتل محمد، فقال له صفوان بن أمية: لفيك الحجر، والله لرب قريش أحب إلى من رب هوازن، فلما انجلت الوقعة وأحيزت غنائم هوازن أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - منها مائة بعير، فلما رآها وقد امتلأ بها الوادي فقال: هذا عطاء من لا يخاف الفقر ثم أسلم بعد ذلك.
هذان الضربان من المشركين تألفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي جواز تآلفهم الآن بعد وفاته قولان:
أحدهما: يجوز اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع قوله تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} التوبة:60
والقول الثاني: لا يجوز لأن الله تعالى قد أعز الإسلام وأهله بما أعطاهم من قوة وزادهم من قدرة عن أن يتآلفوا بأموالهم مشركاً، ويكون تآلف النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم إما عن حاجة إليهم عند قلة المسلمين وكثرتهم، وإما لأنه كان يعطيهم من ماله الذي ملكه الله تعالى من خمس الخمس، فكان يصنع به ما شاء مما ليس لغيره من الولاة أن يصنع مثله.
فإذا قيل: لا يجوز أن يتآلفوا بمال لما جعل الله تعالى أموالهم للمسلمين حولاً، ولم يجعل لهم في أموال المسلمين حقاً منعوا ذلك من أموال الصدقات وغيرها.
وإذا قيل: بجواز تآلفهم جاز إذا وجد فيهم نفع التآلف يعطوا مع الغنى والفقر لا من أموال الصدقات التي جعلها الله تعالى للمسلمين ولكن من سهم المصالح وهو خمس الخمس من الفيء والغنيمة المعدة لمصالح المسلمين العامة.
فصل
وأما المسلمون من المؤلفة فضربان:
ضرب لم يختلف قوله في جواز تآلفهم.
وأما الضرب الذي اختلف قوله في جواز تآلفهم وحملهم فيه على حكم المشركين فضربان: