سبيل الله في الجملة إلا أن يصبح الشخص الواحد منهم لا يجوز أن يعطى من السهمين لكن يعطى بعضهم من سهم المؤلفة ولا يعطى من سهم سبيل الله، ويعطى بعضهم من سهم سبيل الله ولا يعطى من سهم المؤلفة فيكون الجمع بين السهمين للجنس العام والمنع من الجمع بينهما للشخص الواحد، وهذا أصح ما يحمل عليه تخريج هذا القول الرابع، والله أعلم.
مسألة (1)
قال الشافعي: "والرقاب المكاتبون من حيز إنما الصدقات والله أعلم ولا يعتق عبد يبدأ عتقه فيشتري ويعتق".
قال في الحاوي: وهذا صحيح والرقاب صنف من أهل الصدقات، لقوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} البقرة:177 فاختلف الفقهاء فيهم فذهب الشافعي إلى أنهم المكاتبون يعطون المسمى لهم يستعينون به في مال كتابتهم ولا يبتدئ عتق رقاب تشترى، وهو في الصحابة قول علي بن أبي طالب عليه السلام وفي التابعين قول سعيد بن جبير والنخعي.
وفي الفقهاء قول أبي حنيفة والثوري.
وقال مالك: الرقاب أن يبتدأ عتق رقاب تشترى وهو في الصحابة قول عبد الله بن عباس، وفي التابعين قول الحسن البصري، وفي الفقهاء قول أحمد وإسحاق استدلالاً بقوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} البقرة:177 وفيها ثلاثة أدلة:
أحدها: أن مطلق اسم الرقبة يتناول العبد القن دون المكاتب بدليل قوله تعالى: {تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} المائدة:89 يقتضي عتق العبد القن دون المكاتب.
والثاني: أن الله تعالى أضاف سهمان الصدقات إلى الأصناف بلام التمليك: "إنما الصدقات للفقراء" وخالف صيغة اللفظ في الرقاب بأن حذف لام التمليك، فقال: وفي الرقاب فجعل ذلك فيهم ولم يجعله لهم فاقتضى أن لا يملكه المكاتبون ويشترى به عبيد يعتقون ليصح أن يكون فيهم ولا يكون لهم.
والثالث: أن المكاتبين من جملة الغارمين فلو أريدوا بالآية لاكتفى بذكر الغارمين عن ذكرهم ولأن ما وجب من أموال الطهرة نوعان زكوات وكفارات، فلما كان في الكفارات عتق وجب أن يكون في الزكوات عتق.
وتحريره: أنه أحد نوعي الطهرة فوجب أن يختص بعتق، ويفرقه كالكفارات، ودليلنا قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} التوبة:60 ومنها سبعة أدلة:
أحدها: أن الله تعالى جعل ذلك في الرقاب لا في السادة، وملك يجعله في السادة لا في الرقاب.