والثاني: أنه يسترجع لأنه يصير كالمستسلف له قبل غرمه، والله أعلم.
مسألة (1)
قال الشافعي: "ويقبل قول ابن السبيل أنه عاجز عن البلد لأنه غير قوي حتى تعلم قوته بالمال ومن طلب بأنه يغزو أعطى ومن طلب بأنه غارم أو عبد بأنه مكاتب لم يعط إلا ببينة لأن أصل الناس أنهم غير غارمين حتى يعلم غرمهم والعبيد غير مكاتبين حتى تعلم كتابتهم ومن طلب بأنه من المؤلفة لم يعط إلا بأن يعلم ذلك وما وصفت أنه يستحقه به".
قال في الحاوي: وهذا صحيح والذي قصده الشافعي بذلك أن يبين من يقبل قوله من أهل السهمان في استحقاق الصدقة ومن لا يقبل قوله إلا ببينة ونحن نذكر حكم كل صنف من الأصناف الثمانية.
أما الفقراء والمساكين فإن لم يعلم لهم غناء متقدم قبل قولهم في الفقر والمسكنة غير بينة، وإن علم لهم مال متقدم لم يقبل قولهم في تلفه وفقرهم إلا ببينة تشهد لهم بذلك.
وأما العاملون عليها فحالهم في العمل أشهر من أن يحتاجوا إلى بينة أو تحليف يمين.
وأما المؤلفة قلوبهم فلا يرجح إلى قولهم لأنهم ممن تدعو الضرورة إليهم بظهور الصلاح وتآلفهم.
وأما المكاتبون فلا يقبل قولهم في دعوى الكتابة إلا ببينة تشهد بها وبالباقي منها لأن الأصل أنهم غير مكاتبين فإذا تصادق المكاتب والسيد عليها وعلى الباقي منها ففيه وجهان:
أحدهما: أن تصادقهما بغنى عن البينة بعد إحلافهما؛ لأنه قد صار بالتصادق مكاتباً في الظاهر.
والثاني: أنه لا يقبل ذلك منهما مع التصادق إلا ببينة لأنهما قد يتواطأن على ذلك اجتلاباً للنفع.
وأما الغارمون فمن استدان في إصلاح ذات البين فحاله فيه أظهر من أن يكلف عليه بينة فإن شك في قضائه الدين من ماله أحلف؛ لأن الأصل بقاؤه ومن أدان في مصلحة نفسه لم يقبل قوله في دعوى الدين إلا ببينة؛ لأن الأصل براءة الذمة فإن تصادق الغارم ورب الدين كان على ما ذكرنا من الوجهين.