وأما ابن السبيل فالقول قوله في فقره، والقول قوله في إرادته للسفر، وفي إحلافه على أنه مريد للسفر وجهان:
أحدهما: يحلف على إرادة السفر ولا يعطى إلا بعد يمينه، وهذا قول أبي إسحاق المروزي.
والثاني: لا يحلف لأنه إن لم يسافر استرجع منه وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة.
وأما الغازي فيقبل قوله فيما يريد أن يستأنفه من غزوه وهل يحلف على إرادة الغزو أم لا على وجهين:
أحدهما: يحلف وهو قول المروزي.
والثاني: لا يحلف وهو قول ابن أبي هريرة.
مسألة (1)
قال الشافعي: "وسهم سبيل الله كما وصفت يعطى منه من أراد الغزو من أهل الصدقة فقيراً كان أو غنياً ولا يعطى منه غيرهم إلا أن يحتاج إلي الدفع عنهم فيعطاه من دفع عنهم المشركين لأنه يدفع عن جماعة أهل الإسلام".
قال في الحاوي: وهذا كما قال.
سهم سبيل الله مصروف في الغزاة، وهو قول أبي حنيفة ومالك.
وقال أحمد بن حنبل: وهو مصروف في الحج، وبه قال ابن عمر استدلالاً بما روي أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته أن تحج فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اركبيها فإن الحج في سبيل الله" (2).
ودليلنا هو أن سبيل الله إذا أطلق فهو محمول على الغزو ولقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} التوبة:41 وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً} الصف:4.
وروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله" ولأن مال الصدقات مصروف في ذوي الحاجات وليس الحج منها، ولأن مال الصدقات لا ينصرف إلا في الجهات المالكة فخرج الحج منها، ولأن الحج وإن كان عن رب المال فلا يجب إلا مع عجزه وفي غير زكاته من أمواله وإن كان عن غيره فلا يجوز أن يصرف فيه زكاة غيره، وإن كان في الحجاج أعطوا إما من سهم الفقراء أو من سهم بني السبيل فبطل بذلك ما قالوه وليس يمتنع ما جاء به الخبر من أن الحج من سبيل الله لقرينه وإن كان إطلاقه يتناول الجهاد.