بائن فلا يجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين لوجوب نفقتها عليه، ولا من سهم بني السبيل لحظر السفر عليها في العدة وإن لم تجب نفقتها لكونها حائلاً في طلاق بائن جاز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ولم يجز أن يعطيها من سهم بني السبيل، وإن كانت في عدة من وطئه بشبهة فإن كانت حائلاً لم تجب عليه نفقتها، فجاز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ولم يجز أن يعطيها من سهم بني السبيل لحظر السفر عليها في العدة وإن كانت حاملاً ففي وجوب نفقتها عليه قولان:
أحدهما: تجب، فيجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ولا يعطيها من سهم بني السبيل.
والثاني: تجب نفقتها فلا يجوز أن يعطيها من سهم الفقراء والمساكين ولا من سهم بني السبيل.
فصل
فأما الزوجة فيجوز لها دفع زكاتها إلى زوجها من السهام كلها وقال أبو حنيفة: لا يجوز استدلالاً بأنه أحد الزوجين فمنع زكاة صاحبه كالزوج إلى زوجته.
ولأنه وارث لا يسقط بالحجب فوجب أن يمنع من الزكاة كالأب ولأنه قد ترتفق بدفع زكاتها إليه؛ لأنه قد يستغنى بها فتلزمه لها نفقة موسر.
ودليلنا عموم قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} التوبة:60 وحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لزينب امرأة عبد الله بن مسعود: "زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم" (1) فكان على عمومه.
فإن قيل: فهذا محمول على التطوع، لأنه جمع بين الزوج والولد ولا يجوز أن يدفع إلى الولد من الفرض فثبت أنه التطوع، فعن ذلك جوابان:
أحدهما: وهو جواب أبي عبيد أنه يحتمل أن يكون أولاده من غيرها.
والثاني: وهو جواب الشافعي أن أولاده وإن كانوا منها فإنهم كانوا بالغين أصحاء فسقطت نفقاتهم، وجاز دفع الزكاة إليهم.
ومن القياس أنه نسب لا يستحق به النفقة فلم تحرم به الصدقة قياساً على ذوي الأرحام، ولأن الزوج مع الزوجة بمنزلة الأجنبي في سقوط النفقة فوجب أن يكون بمنزلته في استباحة الصدقة.
فأما الجواب عن قياسهم على منع الزوج من دفعها إلى زوجته فهو لأن نفقتها تلزمه فمنعت من صدقته ونفقته لا تلزمها فلم يمنع من صدقتها وأما قياسه على الأب أنه لا يسقط بالحجب، فالمعنى فيه أن الأب تميز باستحقاق النفقة فيمنع من الصدقة، وليس كذلك الزوج.