وأما الجواب عن قولهم أنها قد ترتفق بدفع زكاتها إليه، فهو أنها لا ترتفق بالدفع، وإنما ترتفق بما قد يحدث بعده من اليسار وذلك لا يمنع من الزكاة كمن دفعها إلى غريم له فأخذها من بعد قبضها من دينه جاز، ولا يكون ذلك رفقاً يمنع من جوازها لحصول ذلك بعد استقرار الملك بالقبض كذلك ما يأخذه الزوج والله أعلم.
مسألة (1)
قال الشافعي رحمه الله: "فأما آل محمد - صلى الله عليه وسلم - الذين جعل لهم الخمس عوضاً من الصدقة فلا يعطون من الصدقات المفروضات، وإن كانوا محتاجين وغارمين وهم أهل الشعب وهم صلبية بني هاشم وبني المطلب ولا تحرم عليهم صدقة التطوع وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقلت له أشرب من الصدقة؟ فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة وقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة".
قال في الحاوي: وجملته أن الناس في صدقة الفرض والتطوع ينقسمون ثلاثة أقسام:
منهم من تحرم عليه صدقة الفرض والتطوع، ومنهم من تحل له الصدقتان جميعاً، ومنهم تحرم عليه صدقة الفرض دون التطوع.
فأما من تحرم عليه صدقة الفرض والتطوع فهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفع الله تعالى من قدره وفضله على جميع خلقه.
روى أبو رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا لا تحل لنا الصدقة" (2).
وروى أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجدتموه وقال: لولا أخاف أن تكون صدقة لأكلتها" (3).
وروي أن سلمان الفارسي حمل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - طبقاً من رطب فقال: "ما هذا"؟ قال: صدقة، قال: "إنا لا تحل لنا الصدقة" فحمل إليه طبقاً آخر فقال: "ما هذا"؟ قال: هدية، قال: "إنا نقبل الهدية ونكافئ عليها".
وإذا ثبت هذا فقد كان يمتنع من صدقة الغرض تحريماً وفي امتناعه من صدقة التطوع قولان:
أحدهما: أنه كان يمتنع منها تحريماً كالقرض، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل من لحم تصدق