به على بريرة قال: "هو لها صدقة لنا هدية وصدقات اللحوم بالمدينة كانت من ضحايا تطوع غير واجبة".
والثاني: أنه كان يمتنع منها تنزيهاً لا تحريماً، لأنه قد كان يصلي في المساجد وهي صدقات ويشرب من بئر رومة بالمدينة وبئر زمزم بمكة وهما صدقتان.
وقال أبو علي بن أبي هريرة: ما كان من صدقات التطوع على الأعيان كانت محرمة عليه، وما كان منها مسألة على الكافة لم تحرم عليه مثل صلاته في المساجد وشربه من الآبار.
والذي أراه عندي أصح أن ما كان منها أموالاً مقومة كانت عليه محرمة وما لم تكن أموالاً مقومة كانت له مباحة، فعلى هذا كانت صلاته في المساجد وشربه من بئر رومة وزمزم، ولو كانت الصدقة المسيلة ثمار لا تحل له، وعلى قول ابن أبي هريرة تحل له.
فصل
وأما من تحرم عليه الصدقة- الفرض دون التطوع- فهم آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرواية أبي هريرة أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمرة الصدقة فجعلها في فيه فنزعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فيه بلعابها وقال كخ كخ، وقال: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة".
وسأله الفضل بن العباس عمالة الصدقات فغضب وقال: "أليس في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس".
فدل هذا الخبران على تحريم الفرض عليهم.
فأما التطوع فحلال لما روي أن جعفر بن محمد شرب من سقايات بين مكة والمدينة.
فقيل: له: أليس قد حرم عليكم الصدقات؟ فقال: إنما حرم الله علينا الصدقات المفروضات؛ لأن الله تعالى عوضهم مالاً واحداً عن مال واحد، فإذا ثبت أن آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرم عليهم الصدقات المفروضات دون التطوع فهم ذو القربى من بني هاشم وبني المطلب.
وقال أبو حنيفة: إنما تحرم على آل العباس وآل حمزة وآل الحارث بني عبد المطلب وعلى آل علي وآل جعفر والفضل ولا تحرم على آل أبي لهب ولا على غير المذكورين من بني عبد المطلب ولا على جميع بني المطلب، وهذا خطأ؛ لأن من استحق سهم ذي القربى منع صدقة الفرض وقد ثبت أن سهم ذي القربى مشترك بين جميع بني هاشم وبني المطلب وكذا صدقة الفرض حرام على جمع بني هاشم.
وأما من تحل له صدقة الفرض والتطوع فهم سائر الناس تحل لهم صدقاه الفرض والتطوع بالفقر وصدقات التطوع مع الغنى والفقر، وقد دللنا عليه من قبل.