مسألة (1)
قال الشافعي: "وقال أيضاً حيث كانت الحاجة أكثر فهي واسعة كأنه يذهب إلى أنه فوضى بينهم يقسمونه على العدد والحاجة لأن لكل أهل صنف منهم سهماً".
قال في الحاوي: وهذه مسألة رابعة أراد بها أبا حنيفة حيث يقول: إن مال الصدقات لا يلزم صرفه في جميع الأصناف ولكن يصرف في أمسهم حاجة ويعدل عن الباقين، وعند الشافعي: أنه يصرف في جميع الأصناف الثمانية المسماة في آية الصدقات؛ لأن الله تعالى سمى لكل صنف منهم حقاً، فلم يجز العدول عن بعضهم كما لم يجز العدول عن جميعهم، ولأنه لما كان عطايا الآدميين من الوصايا إذا سمى فيها أصناف لم يجز الاقتصار على بعضها كانت عطايا الله تعالى أولى؛ ولأنه لو كانت الحاجة معتبرة لبطل حكم التصريف والتسمية، والله أعلم.
مسألة (2)
قال الشافعي: "ومن أصحابنا من قال: إذا تماسك أهل الصدقة وأجدب آخرون نقلت إلى المجدبين إذا كانوا يخاف عليهم الموت كأنه يذهب إلى أن هذا مال من مال الله عز وجل قسمة لأهل السهمان لمعنى صلاح عباد الله على اجتهاد الإمام".
قال في الحاوي: وهذه مسألة خامة أراد بها أبا حنيفة، فإنه يجوز نقل الصدقة عن بلد المال إلى غيره بحسب ما يؤدي اجتهاد الإمام إليه في شدة الحاجة، وعند الشافعي أنه لا يجوز نقل الصدقة عن بلد المال إلى غيره لأحل الحاجة لما قدمناه من الدليل.
فإن قيل: فقد نقل عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر صدقات قومهما إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه بالمدينة قيل أجاب الشافعي عنه بأربعة أجوبة.
أحدها: أنه يحتمل أن يكون نقل إلى المدينة ما فضل من جيران المال.
والثاني: أنه كان من بالمدينة أقرب الناس بهم نسباً وداراً فكانوا أحق بها.
والثالث: أنه يحتمل أن يكون من حولهم ارتدوا؛ لأنه كان وقت الردة فلم يستحقونها مع الردة فنقلت إلى المدينة.
والرابع: أنه يحتمل أن يكون قد حملت إلى أبي بكر إظهارا لطاعته؛ لأن الناس قد كانوا منعوا الزكاة في ذلك الوقت، فلما أظهروا الطاعة بنقل الزكاة ردها عليهم ليتولوا قسمها في جيرانهم.
مسألة (3)
قال الشافعي: " وأحسبه يقول وتنقل سهمان أهل الصدقات إلى أهل الفيء بأن