مسألة: قال: "وإن اختلفا في الرحلة رحل لا مكبوبًا ولا مستلقيًا".
وهذا كما قال: اختلف أصحابنا في تأويله فمنهم من قال: تأويله اختلفا في شد القيد المؤخر فقال المكري: أنا أضيق المؤخر وأوسع المقدم فيكون المحمل منكبًا فيما يلي عنق البعير ليكون أخف على الجمل, وقال المكتري: وسع القيد المؤخر حتى يكون مستلقيًا فيكون أروح لي ومنهم من قال: تأويله أن يقول المكري: أضيق القيدين حتى يرتفع المحمل عن خاصرة الجمل وعن جنبيه, وقال المكتري: وسعه حتى ينزل فإني لا آمن أن أسقط وكيف ما كان لا يرجع إلى قول واحدٍ منهما ويشد لا مكبوبًا ولا مستلقيًا على ما في العرف والعادة طلبًا للإنصاف حتى لا يضر بهما, وكذلك لو اختلفا في جلوس الراكب في المحمل فقال المكري: اعتمد على ناحية عنق الجمل فيكون كالمكبوب على وجهه, وقال الراكب: بل استبقى على كفل الحمل فإنه يقعد لا مستلقيًا ولا مكبوبًا على وجهه فإن خير الأمور أوساطها.
مسألة: قال: "والقياس أن يبدل ما يفني من الزاد".
الفصل
وهذا كما قال: إذا استأجر جملاً ليركبه ويحمل عليه ويحمل عليه زاده فلابد من بيان المزاد فإذا شرط أرطالاً معلومة ثم سرق ذلك في الطريق كان له إبداله قولاً واحدًا وإن أكل بعضه هل له أن يبدل قدر ما أكل؟ قولان أحدهما: له ذلك قال الشافعي: وهو القياس واختاره المزني لأنه شرط حمل مقدارٍ معلومٍ فصار مستحقًا كما لو حل المتاع وباع بعضه في الطريق كان له إبداله, والثاني: ليس له إبداله ويصير في التقدير كأمه اكتراه ليحمل عليه إلى 172/ أ الموضع الذي يفنى وهذا لأن الغالب أن الرجل يرتحل عن وطنه ومعه قدر من الزاد هيأه وأصلحه فإذا فني في الطريق اقتصر على شراء الزاد يومًا بيوم في المراحل.
وقال أبو إسحاق: إن كانت أسعار الزاد في المنازل متقاربة بالرخص والغلاء وكان انقطاعه مأمونًا لم يكن له إبدال ما فني منها لأنه لا غرض في حمله, وإن كان بخلاف هذا يبدل بلا خلاف لأن العرف جار به والقياس دالٌ عليه, وكذلك لو كان الطريق غامرًا يخاف فيه عدم ما لابد منه له أن يبدل قال أصحابنا: وله إبدال الماء كلما فني قولاً واحدًا لأن العادة في الماء الإبدال وقيل: الوجهان في النزول للرواح مأخوذان من هذين القولين.
مسألة: قال: "وإن هرب الجمال فعلى الإمام أن يكتري".
الفصل
وهذا كما قال: إذا اكنري من رجل جمالاً ثم هرب الجمال لم يخلو من أحد أمرين