إما أن يهرب من الجمال أو يهرب وحده إن هرب بالجمال نظر إن كانت الإجارة في الذمة فالمكتري يرفع أمره إلى الحاكم ويقيم البينة عليه ثم الحاكم إن وجد له مالاً اكترى منه جمالاً للمكتري حتى يتوفي المنافع منها وإن لم يجد له مالاً كان له أن يستدين عليه فإن استدان اكترى له جمالاً ولا يجوز أن يدفع إلى المكتري مالاً ليكرى لنفسه بنفسه نص عليه في "البويطي" كما لا يجوز للمسلم إليه مالاً فيشتري لنفسه طعامًا وإن لم يجد من يستقؤض منه أو وجد ولكنه لم يرد ذلك لخوفه أن لا يتوصل إليه في الثاني فإنه يقول للمكتري: حقك معجل وقد تأخر فلك الخيار في فسخ العقد فإن فسخ رجع بما دفع من الأجرة ويكون في ذمته يتبع به إذا قدر عليه وإن صبر وأقام على العقد, فإن كانت الإجارة إلى مدة تنقضي بطلت بالفوات وكانت الأجرة دينًا على الجمال يتبعه متى قدر, وإن كانت إلى بلدٍ بعينه لم تبطل بالتأخير فإذا قدر 172/ ب طالبه به, وإن كانت الإجارة تعلقت بجمال بأعيانها لا يجوز للحاكم أن يكتري عليه لأن الإبدال لا يجوز في المعين والمكتري بالخيار في الفسخ والمقام على الإجارة كما لو اشترى عبدًا فأبق فإن فسخ نظر, فإن كان له مال رجع بما دفع من الأجرة في ماله, وإن لم يكن له كال كانت الأجرة في ذمته يطالبه المكتري بها إذا قدر وإن أقام على العقد, فإن كانت الإجارة على مسافةٍ معلومةٍ صبر حتى يرجع الجمال ثم يطالبه بالمنافع لأنها لا تفوت أو لا تفوت بمضي الزمان, وإن كانت الإجارة على مدةٍ معلومة فإذا انقضت المدة قبل رجوعه انفسخ العقد.
وإن هرب الجمال وترك الجمال فالمكتري يرفع أمره إلى الحاكم فإن وجد له مالاً أنفقه على الجمال لأن النفقة على المكتري لأنه من تمام التمكين وإن لم يجد له مالاً بوجهٍ فإن وجد من يستقرض منه ما ينفقه عليها استقرض وإن لم يجد وكان في الجمال فضل باع منها بقدر نفقتها ولا يبيع الكل لحق المكتري ذكره أبو إسحاق, وإن لم يكن فضل يقول الحاكم للمكتري: أنفق عليها إلى أن تستوفي حقك من المنافع ثم يرجع على المكري هكذا ذكره القاضي الطبري.
وقال بعض أصحابنا: إن قبض منه الحاكم القرض وأنفق على الجمال بنفسه أو فوض إلى من ينفق عليه جاز وإن أذن له حتى ينفق بنفسه من ماله قرضًا نص في "الأم" على قولين فإذا قلنا: لا يجوز فخالف وأنفق لم يرجع بشيء لأنه تطوع بالإنفاق وإذا قلنا: يجوز وهو الأصح فانفق ثم عاد الجمال فإن اتفقا على قدر النفقة فلا كلام وإن اختلفا نظر, فإن كان الحاكم قدر له النفقة فادعى على أكثر منها لم يرجع في الزيادة ورجع بالقدر الذي أذن الحاكم به, وكذلك إم كان أنفق قدر ما قال الحاكم أو أقل وادعى ذلك فالقول قوله مع يمينه لأنه أمين, وإن لم يكن قدره الحاكم ويجوز ذلك لإختلافه المنازل فينفق بالمعروف من غير سرفٍ ولا تقصير ولو اختلفا بعد ذلك في قدر ما اتفق فيه 173/ أ ثلاثة أوجه أشار إليها الشافعي في" الأم":
أحدهما: القول فيه قول المكري لأن المكتري يدعي عليه مالاً والأصل براءة الذمة.