أن يقول: تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو محرمة أو مؤبدة، أو يقول صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث، لأن هذه كلها تصرف إلى الوقف وكذلك إذا نوى الوقف انصرف إلى الوقف فيما بينه وبين الله تعالى لا يصير وقفًا من الحكم، فإذا اقر بأنه نوى الوقف صار وقفًا في الحكم حينئذٍ كما قال أنت حل ونوى الطلاق وقع فيما بينه وبين الله تعالى فإذا أقرت بالنية وقع الطلاق في الحكم فأما إذا قال وقفت كان ذلك صريحًا فيه؛ لأن الشرع قد ورد بها حيث قال صلى الله عليه وسلم لعمر: "حبس الأصل وسبل الثمرة" وعرف الشرع بمنزله عرف العادة فأما إذا قال حرمت وبدت ففيه وجهان:
أحدهما: أنهما كنايتان؛ لأنه مما ورد بهما، لأنهما لا يستعملان إلا في الوقف ولا يحتملان شيئًا آخر فإذا قلنا إنهما صريحان فيه فالحاكم على ما ذكرنا وإذا قلنا كنايتان فلا بد من القرينة أو النية على ما ذكرنا فيما هو كناية من ألفاظه والله أعلم.
فصل:
وأما ما اختلف فيه فلفظان التحريم والتأبيد، فإذا قال: حرمتها أو أبدتها ففيه وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يكون كناية لاحتماله أنه يريد بتحريم الوقف أو يريد تحريم التصرف.
والثاني: يكون صريح؛ لأن ذلك هو الوقف من الصريح.
فصل:
وقف المشاع يجوز، قال محمد بن الحسن: لا يجوز بناء على أصله من أنه رهنه وإجازته لا تجوز.
ودليلنا: ما روي أن عمر رضي الله عنه ملك مائة سهم من خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حبس الأصل وسبل الثمرة" فوقفها بأمره وكانت مشاعًا، ولأن ما صح بيعه من ذوات المنافع الباقية صح وقفه كالمحوز ولأنه عقد صح آخره والمشاع كالبيع.
فصل:
وقف الدرهم والدنانير لا يجوز وقفها لاستهلاكها فكانت كالطعام وروى أبو ثور عن الشافعي جواز وقفها وهذه الرواية محمولة على وقفها على أن يؤجراها لمنافعها لا لاستهلاكها بأعيانها فكأنه أراد وقف المنافع وذلك لم يجز وإن وقفها للإجارة والانتفاع الباقي فعلى وجهين كما قلنا في الإجارة.
وأما وقف الحلي فجائز لا يختلف لجواز إجارته أو مكان الانتفاع به مع بقاء عينه.