فصل:
أرض الخراج ضربان:
أحدهما: أن تكون مملوكة الدوار فيكون خراجها جزية تسقط عنها بالإسلام ويجوز وقفها لكونها ملكًا تامًا لوقفها.
والثاني: أن تكون غير مملوكة الدوار كأرض السواد فخراجها أجرة ووقفها لا يجوز وأجازه أهل العراق على أصلهم في جواز بيعها، وهو أصلنا في المنع من وقفها أو لا يجوز عندنا بيعها.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إِلَّا إِلى مَالكِ مَنْفَعَةٍ يَوْمَ يُخْرِجُهَا إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسْبِلُهَا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَانَتْ مُحَرَّمةً أَبَدًا وَرَدَدْنَاهَا عَلَة أقْرَبِ النَّاسِ بِالَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا يَوْم تَرْجعُ".
قال في الحاوي: اعلم أن الوقف ملحق بالهبات في أصله، وبالوصايا في فرعه، وليس كالهبات المحضة، لأنه قد يدخل فيها من ليس بموجود ولا كالوصايا، لأنه لا بد فيها من أصل موجودة، ثم اعلم أن صحة الوقف من يجوز وقفه وما يجوز وقفه معتبر بخمسة شروط:
أحدها: أن يكون معروف السبيل، ليعلم مصرفه وجهه استحقاقه فإن قال: وقفته على ما شاء زيد، وهكذا لو قال وقفته على ما شاء زيد، كان باطلًا، وهكذا لو قال وقفته فيما شاء الله، كان باطلًا، لأنه لا يعلم مشيئة الله تعالى فيه، فلو قال: وقفته على من شئت، أو فيما شئت، فإن كان قد تعين له من شاء، أو ما شاء عند وقفه جاز، وأخذ بيانه، وإن لم يتعين له لم يجز، لأنهم إذا تعينوا له عند مشيئته غيره، فهي مجهولة عنده، وإن كانت معينة عند غيره، فلو قال: وقفت هذه الدار ولم يزد على هذا ففي الوقف وجهان:
أحدهما: باطل وهو الأقيس للجهل باستحقاق المصرف.
والثاني: جائز وفي مصرفه ثلاثة أوجه حكاهم ابن سريج.
أحدها: وهو الأصح أنه يصرف إلى الفقراء والمساكين؛ لأن مقصود الوقف القربى، ومقصود القربى في الفقراء والمساكين، فصار كما لو وصى بإخراج ثلث ماله ولم يذكر في أي الجهات صرف في الفقراء والمساكين، ويكون أقرب الناس نسبًا ودارًا من ذوي الحاجة أحق بها.