وبعد الموت قسم وهو الوصايا وقد ذكرنا الوصايا وان أفرد لها كتابًا لاقتضى التسليم لها وهي مخالفة للهبات من أربعة أوجه وان جاز بيعها في سائر الأحكام.
أحدهما: أن الهبة عطية ناجزة، والوصية عطية متراضية بعد الموت.
والثاني: جواز الوصية بالمجهول وما لم يملك وبطلان الهبة بذلك.
والثالث: جواز الوصية لمن ليس بمالك في الحال من خمل وقبطر وبطلان الهبة كذلك.
والرابع: تمام الوصية بالقبول دون القبض وتمام الهبة بالقبض فهذه أربعة.
وخامس مختلف فيه: وهو المكافأة لا تستحق في الوصية وفي استحقاقها في الهبة قولان نذكرهما من بعد إن شاء الله عز وجل.
باب العمرى والرقبىمسالة:
قال الشافعي رحمه الله: "أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل العمرى للوارث ومن حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تعمرو ولا ترقبوا فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو سبيل الميراث".قال الشافعي رحمه الله: "وهو قول زيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن عمر وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير رضي الله عنهم وبه أقول. قال المزني رحمه الله: معنى قول الشافعي عندي في العمرى أن يقول الرجل قد جعلت داري هذه لك عمرك أو حياتك أو جعلتها لك عمري أو رقبى ويدفعها إليه فهي ملك للمعمر تورث عنه إن مات".
قال في الحاوي: اعلم أن العمرى والرقبى عطيتان من عطايا الجاهلية ورد الشرع فيهما بأمر ونهي، اختلف الفقهاء لأجلهما وفي الذي أريد بهما، أما العمرى، فهو أن يقول: جعلت داري هذه لك عمرى أو يقول: قد جعلتها لك عمرك أو مدة حياتك، فيكون له مدة حياته وعمره فإذا مات رجعت إلى المعمر إن كان حيًا أو إلى وارثه إن كان ميتًا سميت عمرى لتملكه إياها مدة عمره وحياتهء وإذا مات رجعت إلى المعمر ومنه قوله تعالى:} هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {هود: 61 يعني أسكنكم فيها مدة أعماركم فصرتم عمارها.
وأما الرقبى فهو أن يقول: قد جعلت داري هذه لك رقبى، يعني: إنك ترقبني وأرقبك وان مت قبل رجعت إلي وان مت قبلك فالدار لك، فسميت رقبى من مراقبة كل واحد منهما لصاحبه، وكان الناس في الجاهلية على ما وصفنا في العمرى والرقبى إلى أن