طارق بن عبد (الرحمن) عن سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج قال: "نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عن المحالقة والمزابنة وقال: إنما يزرع ثلاثة، رجل له أرض فهو يزرعها، ورجل منع أرضًا، فهو يزرع ما منع، ورجل استكرى أرضًا بذهب أو فضة.
ولأن استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها باطل كالمخابرة.
ودليلنا على مالك رواية الأوزاعي عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس بها، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بما على الماذيانات وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، ولم يكن للناس كراء إلا هذا فذلك زجر عنه، فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس به فكان هذا على عمومه مع شبيهه على معنى النهي، فصار هذا تفسير لما أجمله من النهي.
ولأن ما صح أن يؤاجر بالذهب والورق صح أن يؤاجر بالبر والشعير، كالدور والعقار، ولأن ما صح أن تؤاجر به الدور والعقار صح أن تؤاجر به الأرضون كالذهب والورق.
فأما الجواب عما استدل به الحسن من حديثي رافع في النهي عن كراء الأرض فمحمول على ما فسره في هذا الحديث من كرائها بما على الماذيانات، لأن الروايات عن رافع مختلفة.
وأما الجواب عن جمعه بين الأرض وبين النخل والشجر فهو أن المستفاد من النخل أعيان، ومن الأرض آثار.
وأما الجواب عما استدل به مالك من حديثي رافع فهو ما ذكرنا، ونهيه عن إجارتها بطعام مسمى يعني من الأرض المؤاجرة.
وأما الجواب عن قياسه على المخابرة فهو أن العوض في المخابرة لا يثبت في الذمة وفي الإجارة يثبت في الذمة والله أعلم.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "وَلَا يَجُوزُ الكِرَاءُ إِلَّا عَلَى سَنَةٍ مَعْرُوفَةٍ".
قال في الحاوي: قد مضى الكلام في مدة الإجارة، وأن لا بد أن تكون معلومة، وأنها تجوز سنة، وفي جوازها سنين قولان:
أحدها: أن يشترط سنة هلالية، فيصح ويكون العقد على اثني عشر شهرًا بالأهلة يحتسب بكل شهر ما بين الهلالين، كاملًا كان أو ناقصًا ويكون قدر السنة الهلالية ثلاثمائة