فصل:
والثاني من الموات: ما كان عامرًا ث خرب فصار بالخراب مواتًا فذلك ضربان:
أحدهما: أن يكون جاهليًا لم يعمر في الإسلام فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون قد خرب قبل الإسلام حتى صار مواتًا مندرسًا كأرض عاد وتبع فهذا كالذي لم يزل مواتًا يملكه من أحياه من المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم: "الأرض للهِ ورسوله ثم هي لكم مني".
والثاني: ما كان باقي العمارة إلى وقت الإسلام ثم خرب وصار مواتًا قبل أن يصير من بلاد الإسلام فهذا على ثلاثة أقسام:
أحدهما: أن يرفع أربابه أيديهم عنه قبل القدرة عليه فهذا يملك بالإحياء كالذي لم يزل مواتًا.
والثاني: أن يتمسكوا به إلى حين القدرة عليه فهذا يكون في حكم عامرهم لا يملك بالإحياء.
والثالث: أن يجهل حاله فلا يعلم هل رفعوا أيديهم عنه قبل القدرة عليه أم لا؟ ففي جواز تملكه بالإحياء وجهان كالذي جهل حاله.
فصل:
والثاني: في الأصل ما كان عامرًا من بلاد الإسلام ثم خرب حتى ذهبت عمارته، واندرست آثاره فصار مواتًا، فقد اختلف الفقهاء في جواز تملكه بالإحياء على ثلاثة مذاهب: فمذهب الشافعي منها: أنه لا يجوز أن يملك بالإحياء، سواء عرف أربابه أو لم يعرفوا.
وقال مالك: يصير كالموات الجاهلي يملكه من أحياه سواء عرف أربابه أو لم يعرفوا.
وقال أبو حنيفة: إن عرف أربابه فهو على ملكهم لا يملك بالإحياء، وإن لم يعرفوا ملك الإحياء، استدلالًا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من أحيا أرضًا مواتًا فهي له، وحقيقة الموات: ما صار بعد الإحياء مواتًا، وما يزل مواتًا فإنما يسمى مجازًا، قالوا: ولأن ما صار مواتًا من العامر زال عن حكم العامر كالجاهل، ولأنه موات فجاز إحياؤه كسائر الموات؛ ودليلنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطبيب نفس منه" وهذا مال مسلم.