بأمره، وإن كان الواجد هو البائع لها فلصاحبها قيمتها دون الثمن لفساد بيعه إلا أن يقدر على استئذان حاكم، فيجوز بيعه، وإن لم يأت صاحبها بعد الحول فهل لواجدها أن يتملكها؟ على ثلاثة أوجه حكاها ابن أبي هريرة:
أحدها: يجوز له أن يتملكها اعتبارًا بحكم اللقطة.
والثاني: لا يجوز له أن يتملكها لقوله صلى الله عليه وسلم: "ضالة المؤمن حرق النار".
والثالث: إن كان قد أنفق عليها جاز له أن يتملكها وإن لم ينفق عليها لم يجز أن يتملكها ليكون ذلك أحث على الإنفاق وأرفق بالفريقين.
فصل: إذا ترك الرجل الدابة أو البعير حسرًا في الصحراء لعجزه عن السير وعجز المالك عن حمله أو المقام عليه، فمز به رجل فأحياه بمقامه عليه ومراعاته حتى عاد إلى حاله في السير والعمل فقد اختلف الفقهاء في حكمه. فحكي عن الليث بن سعد والحسن بن صالح أنه يكون لأخذه ومحييه دون تاركه، إلا أن يكون تاركه تركه ليعود إليه فيكون التارك أحق به. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: إن آخذه المحيي له أحق من تاركه بكل حال سواء تركه ليعود إليه أم لا.
وقال مالك: هو على ملك تاركه دون آخذه، لكن لآخذه الرجوع بما أنفق، ومذهب الشافعي رضي الله عنه أنه على ملك تاركه وليس لواجده الرجوع بنفقته لقوله صلي الله عليه وسلم "لا يحال مال امرئ مسلم بطيب نفس منه" ولأنه لو عالج عبدًا قد أشرف على الهلاك بالمرض حتى لو استنقذها مالًا من غرق أو حريق لم يملكه لكذا البهيمة.
وحكي عن الحسن البصري أن من أخرج متاعًا قد غرق من البحر فقد ملكه على صاحبه وهذا شاذ من القول مدفوع بالخبر والإجماع، ولكن لو وجد في البحر قطعة عنبر في الموضع الذي يجوز أن يوجد فيه كانت ملكًا لواجدها في البر كانت لقطا، لعلمنا بحصول اليد عليها قبله إلا أن يكون على الساحل نضب الماء عنها، فنكون ملكًا لواجدها لجواز أن يكون الماء قد ألقاها حين نضب، وهكذا لو صاد سمكة من البحر فوجد في جوفها قطعة عنبر كانت للصياد إذا كان بحرًا، قد يجوز أن يوجد فيه العنبر فأما الأنهار وما لا يكون من البحار فأنها تكون لقطة، وهكذا الياقوت والمرجان إلا أن يكون مصنوعًا
أو مثقوبًا فيكون لقطة، فأما اللؤلؤ فلا يكون في البحر إلا مع صدفه، فإن وجد فيه كان ملكًا لواجده وإن وجد خارجًا عن صدقه كان لقطة.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: "وإذ حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضوال الإبل فمن أخذها ثم أرسلها ضمن".