قال في الحاوي: وهذا قد مضى وذكرنا أن ضوال الإبل في الصحراء لا يجوز لواجدها أخذها إلا في إحدى حالتين؛ إما أن يكون الإمام قد ندبه لأخذ الضوال حفظًا لها على أربابها كما يفعله الإمام في المصالح من حفظ الأموال، وإما أن يكون الواجد عارفًا لصاحبها فيأخذها ليردها عليه من غير احتياج إلى تعريف، فيجوز حينئذ للواجد في هاتين الحالتين أن يأخذها. أما الحالة الأولى فما عليه إلا العمل فيما ندب إليه، وأما الحالة الثانية فمستحب لما أمر الناس به من التعاون إلا أن يقول بوجوب أخذ اللقطة إذا خيف هلاكها فيصير حينئٍذ واجبًا، فإن أخذها الواعد في غير هاتين الحالتين كان متعديًا
وصار لذلك ضامنًا، فإن تلفت وجب غرمها عليه وإن رفع يده عنها فله في رفع يده ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يردها على مالكها فيسقط الضمان عنه، والحال الثاني أن يرسلها من يده فعليه الضمان سواء أرسلها حيث وجدها أو في غيره.
وقال مالك وأبو حنيفة: أرسلها حيث وجدها سقط الضمان عنه، ولا أدري ما يقولانه في إرسالها في غير موضع وجودها وبينا ذلك على أصلها في ضامن الوديعة بالتقصير إذا كفء عنه زال عنه ضمانها.
واستدلالًا بأن ضمان الصيد على المحرم يسقط بإرساله، فكذلك ضمان الضوال بالأخذ يسقط الإرسال، وهذا جمع مفترق واستدلالًا فاسدًا، وأصل منازع؛ لأن الصيد يضمن على المحرم في حق الله تعالى، فإذا أرسله صار كعوده إلى مستحقه وليس الضوال كذلك؛ لأنها تضمن في حق آدمي فلم يكن إرسالها عود إلى مستحقها، ألا ترى أن الصيد لو كان ملكًا لآدمي فضمنه المحرم ثم أرسله سقط عنه حق الله تعالى في الجزاء ولم يسقط عنه حق الآدمي في الغرم. والحال الثالثة: أن يدفعه إلى الإمام أو الحاكم ففي سقوط الضمان عنه وجهان:
أحدهما: يسقط كعودها إلى يد النائب عن الغائب.
والوجه الثاني: أن الضمان لا يسقط لتعدي الوجد والله أعلم.
باب الجعالةمسألة:
قال: ولا جعل لمن جاء بآبق ولا ضالة أن يجعل له وسواء من عرف بطلب الضوال ومن لا يعرف به".
قال في الحاوي: وهذا كما قال وليس يخلو من ردًا آبقًا أو ضالة من أحد أمرين: