يعتبر بالأب كما يعتبر بالأم، ألا ترى أنه لو ولد منه كان الولد حرًا، فإذا ثبت أن الإسلام أحد الأبوين يكون إسلامًا لغير البالغ من أولادهما، فكذلك يكون إسلامًا لمن بلغ منهم مجنونة، لأن المجنون تبع لغيره، فأما البالغ العاقل فلا يكون إسلام الأبوين أو أحدهما إسلامًا له، لأن الإسلام يصح منه، وأما إذا بلغ الكافر عاقلًا ثم جن فهل يكون إسلام أبويه إسلامًا له أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يكون ذلك إسلامًا له، لأنه قد فعل الكفر بنفسه يعد بلوغه فاستقر حكمه عليه.
والوجه الثاني: وهو اختيار أكثر أصحابنا أنه لا يصير مسلمًا، لأنه بزوال العقل وخروجه عن حدّ التكليف قد صار تبعًا فإذا تقرر ما وصفناه وصار الطفل أو المجنون مسلمًا بإسلام أبويه أو أحدهما ثم بلغ الصبي وأفاق المجنون فإن أقاما على الإسلام فقد استلام حكم إسلامها وإن رضيا الكفر لم يقبل منهما وصارا بذلك مرتدين يقتلان إذا أقاما على للردة سواء أقرا بالإسلام بعد البلد والإفاقة أو لم يقرا به.
وقال بعض أصحابنا إن كانا يعد البلوغ والإفاقة قد أقرا بالإسلام والتزما حكمه بفعل عبادته من الصلاة والصيام جعلتهما مرتدين وإن لم يوجد ذلك متهما لم أحكم بردتهما، لأن جريان حكم الإسلام عليهما تبعًا لضعف من جريان حكمه عليهما إقرارًا وعملًا وهذا خطأ لقوله تعالى: {والَّذِينَ آمَنُوا واتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الطٌّور: 21.فأخبر بإيمان الذرية تبعًا لآبائهم فلم يجز أن ينتقل حكم الإيمان عنهم ولأن ما أوجب إسلامه أوجب إلزامه كالإقرار فهذا حكم القسم الأول.
فصل: والقسم الثاني: أن يجري عليه حكم الاسم بإسلام السابي له من بلاد الشرك فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون السبي بعد البلوغ فلا يكون بإسلام سابيه مسلمًا ويكون حكم الكفر عليه جاريًا.
والثاني: أن يكون سبته قبل البلد فهذا على ضربين:
أحدهما: أن كون مسببًا مع أبويه أو أحدهما فلا يكون حكمه حكم سابيه، لأن إلحاق حكمه بأبويه أقوى من إلحاق حكمه بسابيه ويكون على حكم الكفر استصحابًا لدين أبويه.
والثاني: أن يسبى وحده دون أبويه ففيه وجهان:
أحدهما: وهو الظاهر من مذهب الشافعي أنه لا يتيح سابيه في الإسلام ويكون حكمه ني الشرك حكم أبويه؛ لأن يد السابي يد استرقاق فلم توجب إسلامه كالسيد.
والوجه الثاني: أنه يتبع السلبي في إسلامه؛ لأنه قبل البلد تبع لغيره فهو أخرجه