عمدًا أو خطأ فإن كانت خطأ فهي على عاقلة الجاني في نفس كانت أو طرف ودينه دية حر مسلم ما كان على حاله اعتبارًا بالأغلب من حكم الدار في الحرية والإسلام.
وإن كانت عمدًا فضربان في نفس أو طرف فإن كانت في نفس استحق فيها دية حر مسلم وفي استحقاق القود إن كان القاتل حرًا مسلمًا قولان أصحهما عليه القود اعتبارًا بالأغلب من حاله وحال الدية في قتله. والقول الثاني: لا قود، لأنه حد يدرأ بالشبهة وكان بعض أصحابنا يحمل اختلاف هذين القولين على اختلاف حالين فيقول إن كان قتله قبل البلوغ وجب القود على قاتله وإن كان بعد البلوغ فلا يجب، لأنه يقدر على إظهار حاله وهذا الفرق مسلوب المعنى، لأنه إن اعتبر حال الشبهة ففي الحالين وإن اعتبر حال الظاهر ففي الحالين فلم يكن للفرق بينهما وجه فإن قلنا بإسقاط القود أخذت الدية لبيت المال وإن قلنا بوجوب القود كان للإمام عن كافة المسلمين مخيرًا فيما يراه أصلح لجماعتهم من القرد لئلا يسرع الناس إلى قتل النفوس وأخذ الدية.
فصل: وإن كانت الجناية عليه في طرف فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون بالغًا بالخيار بين أن يأخذ الدية أو يقتص لنفسه على ما ذكرناه من القولين:
والثاني: أن يكون غير بالغ فان قلنا بإسقاط القود على أحد القولين فليس له إلا دية الطرف ويأخذها الإمام له لينفق عليه منها أو يضم إلى ماله إن كان غنيًا. وإن قلنا بوجوب القود على الصحيح من المذهب فللقيط أربعة أحوال:
إحداها: أن يكون عاقلًا غنيًا فعلى الإمام أن يحبس الجاني عليه إلى أن يبلغ فيختار القود أو الدية ولا يجوز للإمام أن يقتات عليه في أمرها كما لا يجوز لأب الطفل أن يقتات عليه فيما استحقه من قود أو دية.
والثانية: أن يكون معتوهًا فقيرًا فينبغي للإمام أن يأخذ الدية من الجاني لينفق منها عليه ويعفو عن القود لأمرين:
أحدهما: ظهور المصلحة بعد حاجته بالفقر.
والثاني: بقاؤه في الأغلب على عتهه بعد البلوغ.
والثالثة: أن يكون عاقلًا فقيرًا ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يحبس قاتله ليختار لنفسه ما شاء من قود أو دية تعليلًا بظهور عقله.
والثاني: أن الإمام يأخذ له الدية ويعفو عن القود تعليلًا بحاجته وفقره، ولو بلغ فاختار القود ورد الدية ففيه وجهان: أحدهما له ذلك والثاني ليس له وعفو الإمام كعفو، وهذان الوجهان بناء على عفو الولي عن نفقته هل له المطالبة بها بعد لوغه أم لا على وجهين.