والثالث: أن يكون المسافر مأمونًا عليه فلا يسترقه ولا يسيء إليه فإن خيف ذلك لم يجز.
والرابع: أن يكون بنية للعود إلى بلده، فإن لم يرد العود وسافر متنقلًا ففي تمكينه منه وجهان:
أحدهما: أنه يمكن، لأنه قد صار في استحقاق كفالته كالأب الذي يجوز له أن يأخذه من الأم في سفر نقلته.
والثاني: لا يجوز لما في نقله من إضاعة ما كنا نرجوه من ظهور نسبة ولهذا للمعنى جعلنا للمقيم إذا شارك في التقاطه مسافرًا أولى به.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله عليه: "وجنايته خطأ على جماعة المسلمين".
قال في الحاوي: وهذا صحيح وجنايته ضربان على نفسر أو مال فإن كانت على مال فهي في ماله صغيرًا كان اللقيط أو كبير موسرًا أو معسرًا فإن كان له ماله دفع منه غرم جنايته وإن لم يكن له مال كان دينًا عليه إذا أيسر أداه فإن كانت جنايته على نفسر آدمي فضربان عمد وخطأ فإن كانت خطأ فعلى عاقلته وإن لم يكن له عصبة يعقلون عنه ففي بيت المال، لأن جماعة المسلمين عاقلته. ألا تراه لو مات بلا وارث كان ميراثه لبيت المال لجماعة المسلمين وإن كانت جنايته عمدًا يوجب العود فله حالان:
أحدهما: أن يكون بالغًا القود واجب عليه في نفس كانت الجناية أو في طرف.
والثانية: أن يكون صبيًا فلا قود عليه لارتفاع القلم عنه وفي محل الدية قولان من اختلاف قوليه في عمد الصبي هل يجري مجرى الخطأ أو مجرى العمد الصحيح وإن سقط عنه القود فإن قيل إنه يجري مجرى الخطأ كانت الدية في بيت المال مؤجلة كلية الخطأ وإن قيل إنه عمد صحيح وإن سقط عنه القود كانت الدية في ماله حالة فإن أعسر بها كانت دينًا عليه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله عليه: "والجناية عليه على عاقلة الجاني فإن قتل عمدًا فللإمام القود أو العقل وإن كان جرحًا حبس له الجارح حتى يبلغ فيحتار القود أو الأرش فإن كان معتوهًا فقيرًا أحببت للإمام أن يأخذ الأرش وينفقه عليه".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: لا يخلو حال الجناية على اللقيط من أن تكون