أقر عليه من تخويف ولا إرهاب، وإن جرى عليه حكم الإسلام فذلك ضربان:
أحدهما: أن يجريه عليه في الظاهر والباطن على ما ذكرنا من التقاطه في بلاد الإسلام التي لا يدخلها مشرك، فهذا لا يقبل منه بعد البلوغ الرجوع عنه ويكون إن رجع عنه مرتدًا.
والثاني: أن يجري عليه حكم الإسلام في الظاهر دون الباطن، فما لم يبلغ فحكم الإسلام جاٍر عليه، فإن مات غسل وصلي عليه ودفن في مقابر المسلمين، وإن قتله مسلم فعليه دية مسلم وفي وجوب الاقتصاص منه قولان:
أحدهما: يقتص منه لجريان حكم الإسلام عليه.
والثاني: لا يقتص منه لاحتمال حاله، وأنه ربما وصف الكفر بعد بلوغه فلم يجز أن يراق دم بالشبهة، فإن وصف الإسلام قولًا وأقام عليه فعلًا استقر حكم إسلامه وجرى القصاص على قاتله، وإن رجع عنه إلى الشرك أرهب وخوف لرجوع عن الإسلام، فإن أبى إلا أن يكون مشركًا سئل عن سبب شركه، فإن قال: لأن أبي مشرك وصرت لأتباع أبي مشركًا ترك لما اختاره من الشرك لاحتماله، وأجرى عليه أحكام الشرك؛ لأننا لم نكن حكمنا بإسلامه قطعًا وإنما حكمنا به تغليبًا.
فإن قال: لست أعرف دين أبى ولا أعلمه مسلمًا ولا مشركًا ولكني أختار الشرك ميلًا إليه ورغبة فيه ففيه وجهان:
أحدهما: يقبل منه؛ لأنه لم يكن مقطوعًا بإسلامه.
والثاني: هو الأصح أنه لا يقبل منه ويجعل إن أقام عليه مرتدًا إلا أن يدعي شرك أبيه فيقبل منه ويقر عليه ليكون في الشرك تبعًا ولا يكون متبوعًا.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله عليه: "ولو أراد الذي التقطه الطعن به فإن كان يؤمن لأن يسترقة فذلك له وإلا متعة".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا التقطه مقيم ثم أراد بعد حصوله في كفالته وإقراره في يده جاز أن يسافر به بأربعة شروط:
أحدها: أن يكون قد اشتد بدنه بحيث يقوى على السير فإن كان طفلًا لا يحتمل السير لم يجز.
والثاني: أن يكون السفر مأمونًا لا يخاف عليه من غلبة مسترق فإن خيف ذلك عليه.
لم يجز