الأنساب وإن سقطتا بتعارضهما في الأملاك والفرق بينهما أنهما لما تكافآ في الأملاك ولم يكن ما يترجح به إحداهما جاز أن يسقط ولما أمكن ترجيح أحدهما في الأنساب بالقافة ولم يسقطا وحكم لمن انضم إلى بينته بيان القافة.
فصل: فإذا ثبت ما وصفنا ووجدت القافة فألحقت الولد بإحداهما صار لاحقًا بها بالبينة لا بالدعوى فإن عدمت القافة أو أشكل عليهم لم يجز أن يقرع بين البينتين لوجود ما هو أقوى من القرعة وهو انتساب الولد إذا بلغ زمان الانتساب وفيه قولان:
أحدهما: إلى استكمال سبع أو ثمان.
والثاني: إلى بلوغ فإذا انتسب إلى إحداهما لحق بها وبزوجها، لأنه صار لاحقًا بها بالانتساب مع البينة وصار كالقافة مع البينة.
فصل: فلو ماتت واحدة منهما قبل انتساب الولد إلى أحدهما وقف من تركة الميتة ميراث ابن فإن انتسب إلى الميتة أخذ ما وقف له من تركتها وهو ميراث ابن وإن انتسب إلى الثانية منها رد ما وقف له من ميراث الميتة على ورثتها ولو مات زوج إحداهما وقف من تركته ميراث ابن لجواز أن ينسب إلى زوجته فيصير لاحقًا بها فإن انتسب إلى امرأة الميت أخذ ما وقف من تركة زوجها وإن انتسب إلى الأخرى رد ما وقف له من ميراث الميت على ورثته فلو ماتت إحدى المرأتين وزوج الأخرى وقف له من تركة الميتة ميراث ابن ومن تركة زوج الأخرى ميراث ابن فإن انتسب إلى الميتة أخذ ميراثها ورد ميراث زوج الباقية على ورثته وإن انتسب إلى الباقية أخذ ميراث زوجها ورد ميراث الميتة على ورثتها.
مسألة:
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: "وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ اللَّقِيطَ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ أَقْبَلِ البَيَّنّةَ حَتَّى تَشْهَدَ أَنَّهَا رَأَتْ أَمَةَ فُلاَنٍ وَلَدَتْهُ وَأَقْبَلَ نِسْوَةِ وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ شُهُودَهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ لأَنَّهُ قّدْ يُرَى فِي فَيَشْهَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ. وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَرَ: إنْ أَقَامَ بَيَّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ التِقَاطِ المُلْتَقِطِ لَهُ. قَالَ المُزَنِيُّ: هَذَا خِلاَفُ قَوْلِهِ الأَوَّلِ وَأَوْلَى بِالحَقِّ عِنْدِيِ مِنَ الأَوَّلِ ".
قال في الحاوي: وصورتها في رجل ادعى رق إنسان مجهول الحال وأنه عبد وليس وإن أقرّ صار عبدًا له.
والثاني: أن تكون الدعوى على غير بالغ فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون ممن لم يعلم أنه لقيط فيكون قول المدعي رقه مقبولاً ويحكم بأنه عبده ما لم تكن يد تدفعه أو مدع يقابله، لأن ما جهل حاله إذا لم يكن فيه منازع لم